ترامب بين صورتين – خارجية عظيمة وداخلية مهتزة

السياسي – في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى إظهار نفسه كزعيم عالمي، خصوصًا بعد إنهائه حربًا بين إيران وإسرائيل، إلا أن ثمة مؤشرات على وجود مشاكل في البلاد تهز صورته.

ووفقًا لتقرير صحيفة “الغارديان” البريطانية، فقد انخفضت شعبية ترامب في استطلاعات الرأي، ويكافح حزبه الجمهوري لتمرير تشريع قانون الضرائب، ليخرج الملايين إلى الشوارع احتجاجًا، فيما يقول المنتقدون إن الرئيس الذي يدّعي وضع أمريكا أولًا، إنما يضعها في الواقع في المرتبة الأخيرة.

وسارع حلفاء الرئيس الأمريكي إلى جمع التبرعات لتسويق قمصان بقيمة 35 دولارًا تحمل صورته وعبارة “بابا في البيت الأبيض”، التي نشرها البيت الأبيض على مواقع التواصل الاجتماعي، مع فيديو يُظهر أغنية “يا بابا” (بابا في البيت) للمغني آشر، وصورًا لترامب في قمة الناتو في لاهاي.

والقميص مستوحى من تصريح مارك روته، الأمين العام لحلف الناتو، الذي أشار إلى انتقادات ترامب لإسرائيل وإيران بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار، مازحًا: “ثم يضطر بابا أحيانًا إلى استخدام لغة حادة لإجبارهم على التوقف”.

وليس ترامب أول رئيس يجد في مجال السياسة الخارجية حرية أكبر، حيث أمر مؤخرًا، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، بشن ضربات على مواقع نووية في إيران، أقل تقييدًا من المجال الداخلي، حيث يشكّل الكونغرس الصاخب والقضاء القوي ووسائل الإعلام المتشككة مصدر إزعاج دائم.

ولكن نادرًا ما كانت الفجوة بين المواقف الرمزية في الخارج والسياسة الفوضوية في الداخل واضحة إلى هذا الحد، كما هي في ولاية ترامب الثانية، بحسب خبراء.

ويقول لاري جاكوبس، مدير مركز دراسات السياسة والحوكمة بجامعة مينيسوتا: “هناك رئاستان”، موضحًا أن “الرئاسة المحلية مُريعة وتتضمن مفاوضات مطولة ومُخيبة للآمال مع الكونغرس، وهذا بالضبط ما يُشارك فيه دونالد ترامب الآن”، معتبرًا أن ما سيُصدر عن الكونغرس “لن يكون عظيمًا أو جميلًا كما وعد”.

وفي المقابل، يشير جاكوبس إلى الرئاسة الثانية، الخارجية، “حيث هناك صور مذهلة لقنابل تُسقط من السماء، ووصف مُبهرج لدونالد ترامب لما حققه في إيران وأوروبا”، معتبرًا أن هذا “هو نوع الأداء الهوليوودي” الذي يُريده الرئيس الأمريكي.

أذهل ترامب العالم يوم السبت الماضي بإعلانه على منصة “تروث سوشيال” الخاصة به أنه أمر بأكثر من 125 طائرة و75 سلاحًا، بما في ذلك 14 قنبلة خارقة للتحصينات، لضرب ثلاثة أهداف في إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

وأعقب ذلك بخطاب في البيت الأبيض، مُصمم لإبراز صورة القوة، أعلن فيه: “الليلة، أستطيع أن أبلغ العالم أن الضربات كانت نجاحًا عسكريًا باهرًا. لقد دُمرت منشآت التخصيب النووي الرئيسية في إيران تمامًا”.

ومنذ ذلك الحين، أُثيرت الشكوك حول هذه الرواية بعد تقرير استخباراتي مُسرّب أشار إلى أن العملية أعاقت البرنامج النووي الإيراني ببضعة أشهر فقط. ومع ذلك، تحوّل ترامب إلى دور صانع السلام، مستخدمًا منصة “تروث سوشيال” مجددًا للإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل؛ ما دفع الجمهوريين إلى المطالبة بفوزه بجائزة نوبل للسلام.

شبّه البعض سيل خطابات ترامب وتفاعلاته مع الصحفيين ومنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي حول الشرق الأوسط، بمسلسل يومي، يُهيمن على انتباه الأمريكيين، ويُشتت انتباههم عن مشروعه “الضخم والجميل”، وهي خطة ميزانية تُهدد بتقليص شبكة الأمان الاجتماعي التي يعتمد عليها العديد من مؤيديه.