احتجاج فلسطيني على وزيرة التعليم الألمانية وصفت الجالية بـ المتطرفة

السياسي – تقدمت سفارة فلسطين في ألمانيا باحتجاج رسمي إلى وزارة الخارجية الألمانية، ردا على تصريحات مثيرة للجدل أدلت بها وزيرة التعليم الألمانية كارين برين، وصفت فيها الجالية الفلسطينية في ألمانيا بأنها “متطرفة”. وقد أثارت هذه التصريحات موجة من الغضب والاستياء في أوساط الجالية الفلسطينية وأنصار قضايا العدالة وحقوق الإنسان.
ففي مقابلة مع صحيفة بيلد، قالت الوزيرة برين (الحزب المسيحي الديمقراطي): “يوجد لدينا مجتمع ضخم يضم 200 ألف فلسطيني – وهذا أكثر من عدد اليهود في ألمانيا – ولدينا 40 ألف فلسطيني في برلين وحدها”، مضيفة: “ومن الواضح أنهم متطرفون تماما بسبب مجتمعاتهم”.


في مذكرة الاحتجاج الرسمية عبرت السفارة الفلسطينية عن إدانتها الشديدة ورفضها القاطع لهذه التصريحات، واصفة إياها بأنها “عنصرية” و”غير مسؤولة”، مؤكدة أنها تتناقض بشكل صارخ مع القيم الديمقراطية التي طالما نادت بها ألمانيا.
وأشارت السفارة إلى أن مثل هذه التصريحات لا تُسهم إلا في تأجيج خطاب الكراهية وتعزيز التمييز العنصري، مما يعرض أفراد الجالية الفلسطينية لخطر التشهير والاستهداف، بل ويغذي التطرف المجتمعي الذي تسعى ألمانيا لمكافحته.


وفي هذا السياق، طالبت السفارة السلطات الألمانية بتقديم توضيح رسمي فوري، وسحب التصريحات المسيئة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة تداعيات هذا الخطاب التحريضي.
-الجالية الفلسطينية: ركيزة أساسية في المجتمع الألماني
في بيانها، شددت السفارة على الدور الحيوي الذي تلعبه الجالية الفلسطينية في ألمانيا، مؤكدة أنها جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي الألماني.
وأشارت إلى أن الفلسطينيين في ألمانيا يتمتعون بتاريخ طويل من الإسهامات الإيجابية في مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم، والاقتصاد، والثقافة، والعمل الاجتماعي. فقد أثبتت الجالية، على مر السنين، التزامها بالاندماج والمساهمة في تنمية المجتمع الألماني، مع الحفاظ على هويتها الثقافية والوطنية.
وأضافت السفارة أن تصريحات الوزيرة لا تعكس فقط سوء فهم خطير لدور الجالية الفلسطينية، بل تمثل اعتداءً على كرامتها وحقوقها الأساسية، مما يستدعي ردا حازما وحاسما.
وأكد السفير الفلسطيني لدى ألمانيا، الدكتور ليث عرفة، أن دولة فلسطين لن تتهاون في الدفاع عن حقوق وكرامة جالياتها في جميع أنحاء العالم. وقال في بيان أصدره على خلفية هذه الأزمة: “لن نسمح بأي شكل من أشكال التنمر أو التشهير بجالياتنا. إن الجالية الفلسطينية في ألمانيا هي جزء فاعل ومبدع في المجتمع، وسنواصل الدفاع عن حقوقها وكرامتها في كافة المحافل الدولية”.
كما أثارت تصريحات الوزيرة غضب نشطاء على منصة “إكس”، حيث كتب المخرج الألماني- الفلسطيني رشاد الهندي ساخرا: “كألماني- فلسطيني، أنا بحسب وزيرتنا ‘متطرف بشكل واضح’”. وأضاف في تدوينة: “الأمر كله يتمحور حول نزع الصفة الإنسانية عنّا نحن الفلسطينيين (وفي نظرتهم العنصرية للعالم، المسلمين عموما) وممارسة العنصرية بشكل مشروع”.
في ختام مذكرة الاحتجاج، دعت السفارة الفلسطينية الجهات الرسمية الألمانية إلى اتخاذ موقف صلب ضد خطاب الكراهية والتمييز بجميع أشكاله، مؤكدة على أهمية إعلاء قيم العدالة والكرامة الإنسانية. وأعربت عن أملها في أن تكون هذه الأزمة فرصة لتعزيز الحوار البناء بين الجالية الفلسطينية والمؤسسات الألمانية، من أجل بناء مجتمع أكثر شمولية وتسامحا.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تثير فيها تصريحات مسؤولين ألمان جدلا حول الجاليات المهاجرة، لكن وصف الجالية الفلسطينية بـ”المتطرفة” أثار ردود فعل غاضبة، ليس فقط من السفارة الفلسطينية، بل أيضا من منظمات حقوقية ونشطاء في المجتمع المدني الألماني. ويُنظر إلى هذه التصريحات على أنها جزء من خطاب أوسع يستهدف الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا، مما يزيد من التوترات الاجتماعية في وقت تسعى فيه ألمانيا إلى تعزيز الاندماج والتعددية الثقافية.