سموتريتش والـ 50 مستوطنة: أهدافه انتخابية ويحاول تغطية فساده المالي

السياسي – يضاف إلى دلائل قرب الانتخابات، إسهام متوقع من سموتريتش، بحملة دعائية تعرض إنجازات لتعزيز مشروع الاستيطان في الضفة الغربية. من بينها لافتات الانتخابات في الشبكات الاجتماعية يظهر إعلان “منذ تشكيل الحكومة الحالية، أقيمت أو تمت تسوية 50 مستوطنة جديدة في يهودا والسامرة”. هذه أقوال مضللة للجمهور وتحاولة تجاوز نسبة الحسم بمساعدة وهم قومي – مسيحاني. “50 مستوطنة جديدة”، هذا غير صحيح، وهو تزوير للحقائق حول زخم الاستيطان. عملياً، 19 مستوطنة من هذه المستوطنات بؤر استيطانية قائمة مثل نوفيه نحاميا وافيغيل، 7 مستوطنات هي مزارع للرعي مثل ملاخيه هشالوم وسديه افرايم، 14 منها هي أحياء في مستوطنات مثل نوفيه افرات في كفار ادوميم وكيرم ريعيم في تلمون، 10 منها بشكل عام “على الورق” مثل إعادة مستوطنة شانور ومعاليه حلحول. أي أنه لم تتم إضافة أي عائلة أو بناء أي بيت. الحديث يدور عن عملية بيروقراطية مصطنعة استهدفت ضخ المليارات تحت غطاء قانوني جديد – منابر تستهدف استهلاك المزيد من أموال الجمهور، التي يتم إغداقها بسخاء من قبل وزير المالية، الذي عملياً يعمل كوزير للمستوطنات.

في صالح سموتريتش، يجب القول بأن الحكومة الحالية حطمت على الأقل في مجال البؤر الاستيطانية أرقاماً قياسية. فمنذ بداية تشكيلها، أقيم 79 بؤرة استيطانية جديدة، في معظمها مزارع للرعي تم توطينها بعائلات منفردة أو شباب. تأثيرها كبير – طرد التجمعات الفلسطينية، وأعمال عنف يومية وحضور معاد – لكن إسهامها ضئيل بمفاهيم ديمغرافية. بضع عشرات من العائلات وعدد من المباني أو الكرفانات التي تعادل 2 – 3 مبان تتكون من عدة طوابق في مدينة.

هنا تكمن عبثية الإعلان عن بناء مستوطنات جديدة: حتى المستوطنات القديمة في الضفة الغربية لا تنمو. وحسب معطيات المكتب المركزي للإحصاء فإن السنوات الثلاث الأخيرة (فترة الحكومة الحالية) هي أسوأ فترة بالنسبة لميزان الهجرة الداخلية للإسرائيليين إلى “يهودا والسامرة”. المدن الأربعة الكبرى، “موديعين عيليت”، و”بيتار عيليت”، و”معاليه أدوميم” و”أريئيل”، 43 في المئة من السكان الإسرائيليين في “يهودا والسامرة” (من بين 513 ألف إسرائيلي). ثلث المستوطنين يعيشون في “موديعين عيليت” و”بيتار عيليت” التي تعاني من هجرة داخلية سلبية منذ أربع سنوات. موديعين عيليت فقدت 819 نسمة في 2023، ووصلت بيتار عيليت إلى ذروة المغادرة في 2022 مع 1799 مغادراً. هذه هي السنة الـ 14 على التوالي التي يكون فيها ميزان الهجرة سلبياً في معاليه أدوميم، ورقم قياسي سلبي يبلغ 920 نسمة في 2021. حتى إنه حدث انخفاض على عدد السكان في 2024. ليس سوى “أريئيل” التي سجلت فيها في السنوات الأخيرة هجرة إيجابية قليلة تبلغ بضع عشرات الأشخاص.

الصورة مشابهة أيضاً في الـ 14 مجلس محلي، التي يعيش فيها 22 في المئة من المستوطنين. في 2023 كان ميزان الهجرة فيها سلبياً، على رأسها “أفرات” (- 210)، و”كريات أربع” (-122). في 2024 كان هناك منحى مشابه في 11 مجلساً. وفي الربع الأول من العام 2025، واصل 11 مجلساً فقداناً للسكان، وانضمت “بيت إيل” إلى “أبطال المغادرة”.

عملياً، ثلثا الإسرائيليين في “الضفة الغربية” يعيشون في مستوطنات تفقد سكانها. المستوطنات التي كان يتوقع أن تشكل مراكز تشغيل ومراكز ثقافة للمستوطنين، لكن بالفعل 62 في المئة منهم يعملون داخل الخط الأخضر ويتعلمون في الجامعات والمدارس الثانوية داخل إسرائيل، ويستمتعون بثقافة الاستجمام في تل أبيب والقدس.

في المجالس المحلية الستة، المسؤولة عن 88 في المئة من المستوطنات و260 بؤرة استيطانية، فقط مجلس واحد هو “متيه بنيامين” عانى من الهجرة السلبية في الأعوام 2023 – 2024. المجلس الثاني من حيث حجمه، “شومرون”، كانت الهجرة إيجابية، 88 نسمة تقريباً، ربما لأن لديها الرقم القياسي في البؤر الاستيطانية غير القانونية. ولكن في هذه المجالس أيضاً 45 مستوطنة شهدت في الربع الأول في 2025 هجرة سلبية.

صحيح أن الإسرائيليين في “الضفة الغربية” يواصلون زيادة بوتيرة 12 ألف نسمة في السنة، لكن مصدر هذا النمو يكمن في التكاثر الطبيعي فقط، وأكثر من النصف هو في المدن الحريدية: موديعين عيليت وبيتار عيليت، التي يتوقع ضمها لإسرائيل في أي سيناريو اتفاقي، عدد سكانها تقريباً يشبه اإمالي عدد السكان في المستوطنات وفي البؤر الاستيطانية في المجالس الإقليمية الستة. تضاف إلى ذلك حقيقة مؤلمة، وهي أن نسبة الفقر (العنقود واحد في المقياس الاقتصادي – الاجتماعي) في أوساط المستوطنين تبلغ 42 في المئة، أي عشرة أضعاف النسبة في دولة إسرائيل.

في العقد الأخير، سجل في إسرائيل منحى ارتفاع في ميزان الهجرة، إلى أن تم وقفه بحرب “السيوف الحديدية”. في المقابل، سجل في “يهودا والسامرة” منحى انخفاض ثابت: في الهجرة إلى الخارج، سجل انخفاض 300 – 900، وفي الهجرة الداخلية سجل انهيار، 1900 – 4000. “السيوف الحديدية” فاقمت الوضع في “يهودا والسامرة”.

ثمة بحث جديد لمجموعة تمرور، أجراه البروفيسور جلعاد هيرشبرغر والبروفيسور تسيون هيرش هلبر وموريا ريشف، فحصوا فيه تأثير الحرب على الشعور بالتهديد الجسدي على الجمهور في إسرائيل. وكانت النتائج أنه في حين أن اليسار يقلل من الشعور بالتهديد، فإن اليمين يؤكده، والفجوة ازدادت بعد 7 أكتوبر. الزيادة الحادة في الشعور بالتهديد كانت في أوساط سكان “يهودا والسامرة”، المؤيدين المتحمسين للاستيطان، الذين يشعرون بأنهم أقل أمناً ولذلك يغادرون.

يتبين أن سموتريتش وبن غفير، اللذين يمنعان أي عملية لوقف إطلاق النار، يعملان بالفعل ضد حلمهما. سياستهما تدمر مشروع الاستيطان. فالمستوطنات لا تنمو، وسكانها يهربون رغم الاستثمارات الكبيرة، ومكانة إسرائيل تتدمر في العالم.

الخلاصة، أن الخمسين مستوطنة التي يتحدث عنها المدعو سموتريتش ليست إلا دعاية؛ فالواقع على الأرض يروي قصة مختلفة، قصة الضمور والتخلي، وقصة الحلم القومي – المسيحاني الآخذ في التلاشي.

شاؤول اريئيلي

هآرتس 3/7/2025