تُعدّ العوامل الاجتماعية والثقافية، كالعنف الأسري والكبت والتابوهات العرفية والدينية، من أبرز دوافع الانتحار بين النساء في العراق، وفي بعض الحالات، تُستغل تهمة “الانتحار” للتغطية على جرائم قتل، خصوصاً في إقليم كوردستان وفق تقرير لموقع جيهان نيوز وكالة انباء المراة
سُجلت ثلاث حالات انتحار لنساء خلال الأيام القليلة الماضية في العراق، كان آخرها لامرأة في الخمسين من عمرها أقدمت على إنهاء حياتها أمس الأربعاء الثاني من تموز/يوليو داخل منزلها بواسطة الحبل، ونُقلت جثتها إلى مستشفى تلعفر غرب الموصل، وأشارت التحقيقات الأولية إلى وجود دوافع نفسية وراء الحادثة.
وكانت محافظة نينوى قد شهدت سابقاً حالتي انتحار الأولى لفتاة من مواليد 2009 وجدت مشنوقة في منزلها ببلدة برطلة شرق الموصل، والثانية لربة منزل أضرمت النار في نفسها بمادة النفط الأبيض في حي العامل، ولا تزال تتلقى العلاج في مستشفى الجمهوري متأثرة بحروق بالغة.
ويرى متخصصون أن ظاهرة الانتحار تتفاقم بسبب الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمشاكل النفسية، حيث تمنع الأعراف الثقافية بعض النساء من طلب المساعدة، مما يدفعهن إلى مصير مأساوي، كما يسهم ضعف خدمات الصحة النفسية وقلة الكوادر المؤهلة في تعقيد الأزمة، ويترك الضحايا في مواجهة معاناتهن بلا دعم أو ملاذ آمن.
ويحذر ناشطون وباحثون في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني من أن بعض حالات انتحار النساء في العراق قد تكون في الواقع جرائم قتل مُقنّعة تُسجّل على أنها انتحار، خصوصاً في المناطق النائية والبعيدة عن مراكز المدن، حيث تغيب الرقابة وتزداد الضغوط الاجتماعية.
ويتفق هؤلاء المراقبون على أن تفشي الظاهرة لا يعود فقط إلى الاضطرابات النفسية، بل يشمل أيضاً عوامل اقتصادية واجتماعية عميقة، مثل الأوضاع المعيشية المتردية، وانعدام الأمل في التغيير، والضغوط الأسرية التي تُثقل كاهل العديد من النساء، لا سيما في البيئات المحافظة.
ورداً على هذه التحديات، أقرت الحكومة العراقية “الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار” للفترة 2023-2030، والتي تهدف إلى توسيع الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، ومكافحة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بها، إلا أن هذه الاستراتيجية ما زالت تواجه انتقادات لغياب التفاصيل والخطط التنفيذية الواضحة، وعدم قدرتها حتى الآن على إحداث أثر ملموس في تقليل عدد الحالات المسجلة.