“إمارة الخليل”.. خيانة بحجّة العشائر!

بقلم: محمد التاج

بينما تتعرض غزة لإبادة جماعية منذ قرابة العامين، وتُغتصب الضفة يومياً تحت وطأة المستوطنين والاحتلال، يخرج علينا خمسة مشايخ من الخليل، يتزعمهم الشيخ وديع الجعبري، بمبادرة يسمونها “سلاماً”، ونراها نحن بوضوح: طعنة في خاصرة القضية، وخدمة مجانية للمشروع الصهيوني.

 

أولاً: اعتراف بدولة الاحتلال؟ باسم من؟

أن تعترف هذه الفئة الضالة بإسرائيل كـ”دولة يهودية”، فهذا ليس اجتهاداً خاطئاً، بل اعتراف صريح بسرقة الأرض، وإقرار ضمني بشرعية الاحتلال، وتنازل فجّ عن القدس، وحق العودة، وكل ما تبقى من وطنٍ يتآكل.

من فوّض هؤلاء؟ من أعطاهم الحق أن يتحدثوا باسم الخليل أو فلسطين؟ هل يملكون شرعية شعبية أو نضالية؟ هل شاركوا في مقاومة؟ أم أن المال والجاه والانفصال عن نبض الناس جعلهم يظنون أن بإمكانهم بيع دماء الشهداء وميراث الكرامة!

 

ثانياً: إمارة الخليل؟ أم بوابة للتقسيم؟

الترويج لما سموه “إمارة عشائرية” لا يتبع للسلطة ولا للوطن، هو مشروع تقسيمي بامتياز، يفتح الباب أمام تكرار النموذج في نابلس وطولكرم وجنين، وصولاً إلى تفكيك الضفة بالكامل. هذا نموذج “سَلْطَنة الخيانة” التي يحلم بها الاحتلال: شيوخ مصالح، أمن مشترك مع الاحتلال، و”صفر إرهاب” أي صفر مقاومة.

 

ثالثاً: عشائر الخليل ليست للبيع

الخليل كانت وستبقى واحدة من قلاع النضال الوطني. من حارة جابر حتى البلدة القديمة، من المسجد الإبراهيمي حتى جبل جوهر، يعرف الاحتلال أن هذه المدينة عصيّة على التطويع.

لكن اليوم، تُستغل مكانة العشائر لتبرير مشروع خيانة وطنية صريحة. ونحن نقولها بوضوح: عشائر الخليل بريئة من هذه المبادرة. وقد قالتها عائلة الجعبري نفسها: هذه المبادرة فردية، ولا تمثلنا.

 

رابعاً: ما بين الشاباك ونير بركات

حين يقول جهاز الشاباك الإسرائيلي إن المشروع فيه “مخاطر أمنية”، فاعلم أن الخيانة ليست مقبولة حتى في قاموس العدو. أما نير بركات، فيُطبّل للفكرة على استحياء، بينما يعرف أنها مسرحية تافهة لا تنطلي حتى على نتنياهو نفسه.

خامساً: ما بعد أوسلو أسوأ من أوسلو؟

يعيب هؤلاء على اتفاقية أوسلو فسادها وتبعيتها، لكنهم يطرحون بديلاً أسوأ: فساد بلا دولة، وتبعية بلا تمثيل، وكيان عشائري لا يعترف بفلسطين ولا القدس ولا اللاجئين. هل هذا هو الحل؟

لا، الحل ليس في الاستسلام، بل في وحدة الشعب، في المقاومة، في إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني. لا نحتاج إمارات عشائرية، بل قيادة وطنية تُمثل وجع الناس وأحلامهم.

الخلاصة:

ما يُطرَح باسم “إمارة الخليل” ليس مبادرة سلام، بل مشروع انفصال وخيانة. ومن يتورط فيه، أياً كان اسمه أو لقبه، يساهم في تقويض الحلم الفلسطيني وشرعنة الاحتلال.

فليعلم كل من يطبّع تحت عباءة “العشيرة” أو “الاقتصاد” أو “السلام”، أن الشعب الفلسطيني لن يغفر، وأن الذاكرة الوطنية لا تنسى.