السياسي -متابعات
أطلق قراء غاضبون حملة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاسترداد أموالهم بعد أن تبيّن أن كتاب “مسار الملح” (The Salt Path)، الذي حقق شهرة واسعة منذ صدوره في عام 2018، قد لا يكون القصة الصادقة التي روّجت لها مؤلفته راينور وين.
وتدفقت المراجعات السلبية على صفحة الكتاب في موقع “أمازون”، حيث أبدى العديد من القرّاء صدمتهم بعد قراءة تحقيق نشرته صحيفة The Observer البريطانية، اتهم الكاتبة بتزييف تفاصيل جوهرية في سردها المزعوم لـ”قصة حقيقية” عن فقدان منزلها وانطلاقها مع زوجها في رحلة سير ملحمية امتدت لأكثر من 630 ميلاً على طول الساحل الجنوبي الغربي لإنجلترا.
ووفقاً لما كشفه التحقيق، فإن راينور وين وزوجها، المعروف باسم “موث”، لم يُجبرا على مغادرة منزلهما الريفي في ويلز بعد استثمار فاشل، كما ورد في الكتاب، بل فقدا منزلهما، وهو مزرعة تعود للقرن السابع عشر، بعد أن سرقت وين ما يُقارب 64 ألف جنيه إسترليني من ربّ عملها السابق، الراحل مارتن هيمينغز، أثناء عملها كمسؤولة حسابات في وكالة عقارية محلية في أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة.
وادعت الصحيفة أن الزوجين، اللذين يعيشان الآن تحت الأسماء القانونية سالي وتيم ووكر، توصلا إلى اتفاق خاص مع أحد الأقارب لسداد المبلغ المسروق، شرط ألا تتدخل الشرطة، لكن بعد فشلهما في سداد القرض، تم الحجز على ممتلكاتهما.
أما زوجة هيمينغز، السيدة روز، فقد عبّرت عن غضبها الشديد مما وصفته بـ”التشويه المتعمد للحقيقة”، وقالت: “ادعاؤها بأن ما حدث مجرد فشل في صفقة تجارية يثير اشمئزازي.. الحقيقة أنها اختلست أموال زوجي، شعرت بالغثيان عندما قرأت ذلك، والحمد لله أنه لم يعش ليرى نشر هذا الكتاب أو عرض الفيلم”.
ورغم تزايد الجدل، نفى متحدث باسم وين هذه المزاعم ووصفها بأنها “مضللة إلى حد بعيد”، مضيفاً أن “الكتاب يعرض بتجرد الرحلة الجسدية والروحية التي خاضها الزوجان، والتي غيّرت مجرى حياتهما بالكامل”.
ورفض المتحدث توضيح أي النقاط الواردة في التقرير الصحفي “مضللة أو غير دقيقة”، مكتفياً بالإشارة إلى أن الزوجين يتلقيان حالياً المشورة القانونية.
وبعدما زاد الشك حول صدق الرواية، أثارت تفاصيل أخرى في القصة علامات استفهام، منها حالة “موث” الصحية، الذي قالت وين في الكتاب إنه مصاب بمرض عصبي نادر يُعرف بـ”الضمور القشري القاعدي” (CBD)، وهو مرض محدود الأمد، عادة ما تنتهي حياة المريض في غضون ست إلى ثماني سنوات بعد التشخيص.
لكن “موث” لا يزال على قيد الحياة بعد 18 عاماً من التشخيص، دون أعراض واضحة، ما دفع أطباء أعصاب متخصصين، استعانت بهم الصحيفة، إلى التشكيك في دقة هذه الرواية.
يُذكر أن الكتاب، الذي رُوّج له باعتباره قصة “ملهمة وحقيقية عن الشفاء من خلال الطبيعة”، حقق مبيعات ضخمة تجاوزت مليوني نسخة، وأنتج عنه فيلمان ترويجيان، أُطلق أحدثهما في مايو (أيار) الماضي، ولعب بطولته كل من جيليان أندرسون وجيسون إيزاكس، وسط تغطية إعلامية واسعة وظهور مؤثر للمؤلفة وزوجها على السجادة الحمراء في لندن.
غير أنه مع تصاعد حملة الغضب الحالية، واتهامات القرّاء بالكذب والتضليل، يبدو أن “مسار الملح” قد يتحول من عمل يحتفى به إلى “فضيحة أدبية” من العيار الثقيل.