هل تشعل قضية الموقوفين التوترات بين سوريا ولبنان؟

السياسي -متابعات

ذكر تلفزيون سوريا، أنه في خضم العلاقة المتقلبة بين لبنان وسوريا، برز ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، كمادة مشتعلة قابلة لتفجير أزمة سياسية جديدة بين البلدين.

ففي الوقت الذي تتحدث فيه مصادر حقوقية عن ظروف احتجاز قاسية، يعيشها السجناء السوريين داخل الزنازين اللبنانية، اتهمت دمشق، بيروت بـ”التسويف والمماطلة” في معالجة هذا الملف الإنساني والأمني.

الفرصة الأخيرة
وتتمحور الأزمة حول مصير أكثر من 2000 موقوف سوري، غالبيتهم دون محاكمات، يقبعون في ظروف توصف بالكارثية داخل السجون اللبنانية، وسط غياب واضح لأي رؤية تنفيذية تُنهي معاناتهم.

وبحسب تلفزيون سوريا، تتعامل الإدارة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، مع ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية بوصفه قضية كيانية غير قابلة للتنازل أو التأجيل، مؤكداً أنه شرط أساسي لأي مسار تعاون سياسي أو اقتصادي بين بيروت ودمشق.

وقالت مصادر لبنانية، إن “الشرع، عبَر خلال استقباله وفداً من دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية برئاسة مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان، عن استيائه الشديد من تلكؤ السلطات اللبنانية في معالجة هذا الملف”، مشيراً إلى أن التجاهل المتكرر من بيروت لهذا “الملف الإنساني” لم يعد مقبولاً.

كما أبلغ الرئيس السوري، الوفد الديني اللبناني أنه قرر تكليف وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بزيارة بيروت في الأيام القليلة المقبلة، خصيصاً لبحث هذا الملف، مشدداً على أن هذه الزيارة ستكون بمثابة “الفرصة الدبلوماسية الأخيرة”، قبل أن تتخذ دمشق خطوات تصعيدية سياسية ودبلوماسية متدرجة ضد الحكومة اللبنانية.

مساومة سياسية

ومن جهته، عبّر وفد دار الفتوى، الذي ضم مفتي المناطق، عن امتعاضه البالغ من طريقة تعامل السلطات اللبنانية مع قضية الموقوفين السوريين، لا سيما ما يتصل بالتوقيف العشوائي وسوء المعاملة والتمييز في آليات المحاكمة والمعالجة القانونية.

وبحسب تلفزيون سوريا، فقد أبلغ عدد من مفتي المناطق الرئيس السوري بأن الإهمال الرسمي اللبناني، قد يفتح الباب أمام انفجار ملف آخر موازٍ، وهو ملف الموقوفين الإسلاميين اللبنانيين، الذي يضم قرابة 1500 سجين لبناني لا يزالون قيد الاحتجاز على خلفية دعمهم للثورة السورية، أو مشاركتهم في إيصال مساعدات أو دعم لوجستي لفصائل معارضة قاتلت نظام الأسد السابق.

وأشارت مصادر لبنانية متابعة للّقاء، إلى أن الوفد الديني ألمح إلى أن استمرار تجاهل هذا الملف قد يؤدي إلى تفجيره سياسياً داخل لبنان نفسه، لا سيما أن بعض القوى السياسية تستخدم ملف الموقوفين، كورقة مساومة سياسية وأمنية، وهو ما لا يمكن القبول به، وفق تعبيرهم.

تصعيد تدريجي

وأشارت مصادر تلفزيون سوريا إلى أن دمشق تدرس بالفعل خيارات تصعيدية تدريجية، تبدأ بتجميد بعض القنوات الأمنية والاقتصادية، ولا يُستبعد أن تُقدم لاحقاً على خطوات أكثر حدة مثل إغلاق المعابر البرية أو فرض قيود صارمة على مرور الشاحنات اللبنانية، أو حتى إعادة النظر في التعاون الأمني الحدودي المشترك.

وفي المقابل، أبدت مصادر سياسية لبنانية خشيتها من أن تشهد الأيام القليلة المقبلة، تطوراً دراماتيكياً في مسار العلاقات بين بيروت ودمشق، يتمثل بإقدام السلطات السورية على إقفال كامل المعابر البرّية مع لبنان، على اعتبار أن هذا السيناريو، إذا تحقق، سيقلب المشهد السياسي والأمني رأساً على عقب، في لحظة دقيقة تشهد فيها المنطقة تحولات متسارعة وترتيبات حدودية جديدة.

واعتبرت المصادر، أن على السلطات اللبنانية مسؤولية الإسراع في معالجة ملف الموقوفين عبر آلية قضائية وإدارية واضحة، تضمن حقوق المحتجزين وتضع حداً لأي استغلال سياسي أو أمني قد يدفع باتجاه إغلاق المعابر.