ما تتحدث عنه صحيفة هآرتس العبرية نقلا عن مصادر ومحللين ليسو الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بل بالاسرى الاسرائيليين في غزة، ويدعي الخبراء ان حماس تلعب بورقة الاسرى وبامكانها ايضا التلاعب بالاولوية والافضلية لكن من سيتم الافراج عنه
إلى آلام عائلات الأسرى أضيف الواقع المتقلّب والمخادع لِـ”صفقة على وشك التحقق”.
في الخلفية، تدور عجلة روليت تحمل أسماء الأسرى، ولا أحد يعلم من منهم سيعود – إن عاد أحد أصلاً. هذا الوضع يفرض تساؤلات كثيرة على عائلات الأسرى:
هل من الأفضل الدفع نحو صفقة جزئية وسريعة، انطلاقاً من الشعور بأن وقت الأسرى ينفد؟
أم السعي إلى صفقة شاملة، رغم أنها تبدو طريقاً طويلة وملتوية؟
بحسب د. هرئيل حوريف، مؤرخ، خبير بالشؤون الفلسطينية، وباحث في مركز ديان بجامعة تل أبيب، هذه الأسئلة بدأت تُحدث انقسامات بين العائلات.
ويقول: “ما يقدّمه مقر النضال ” متى ” للخارج كموقف رسمي، يعكس التوجّهات السائدة بين العائلات، وهناك أهمية لإظهار جبهة موحدة، لكن في الواقع توجد داخل المقر آراء ومواقف مختلفة، والعديد من الصراعات الداخلية. هذه قضايا حساسة جداً، وأحياناً يخافون الحديث عنها، لأن مجرد طرحها يمكن أن يؤدي إلى انقسام داخل المقر أو بين العائلات”.
ويضيف حوريف: “على سبيل المثال، قضية ‘الأسرى الإنسانيين’ – الادّعاء أن الجميع إنسانيون صحيح، لكن هناك من يُعتبرون أكثر إنسانية من غيرهم. أو مسألة مكانة الأسرى الذين قُتلوا – هناك حساسية شديدة لدى عائلات القتلى تجاه بعض العبارات التي قد تُفهم على أنها تقلّل من أولوية الإفراج عنهم، مثل استخدام مصطلح ‘جثث الأسرى’ بدلاً من ‘القتلى’”.
ويتابع حوريف، الذي يدرس حماس ويتطوع في مقر العائلات منذ بداية الحرب:
“دوري هو تقديم المشورة بشأن ما هو صائب فعله، وليس بالضرورة حول المواقف التي يطرحها المقر للخارج. أنا أقدّم وجهة نظري، لكن هناك مستشارين آخرين داخل المقر لديهم توجهات مختلفة”.
بحسب ما يقول، فإن حماس تتابع عن كثب ما يجري في إسرائيل، وتستغل معرفتها بـ”أزرار العاطفة” التي تحرّك المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك موضوع قائمة المفرَج عنهم في إطار صفقة جزئية.
ويقول: “رأيي قاطع وواضح: إسرائيل هي من يجب أن تختار من يُفرج عنهم في الصفقة الأولى. أعتقد أن ترك هذا القرار لحماس هو تصرف جبان وغير مسؤول. إذا كانت حماس هي من تختار، فإنها ستستغل ذلك لصنع أوراق ضغط للصفقة النهائية، وفي الأثناء ستُعذّب أكثر الأسرى معاناة الذين سيبقون لديها”.
يعتقد حوريف أنه كلما كانت حماس هي صاحبة القرار، فإنها ستختار الإفراج عن “الأسرى الأسهل” من وجهة نظرها.
“حماس مطّلعة جيداً على الخطاب العام والنقاط الحساسة في المجتمع الإسرائيلي، وتعتبر الأسرى ذوي الحضور الإعلامي والجماهيري البارز أوراقاً ثمينة يمكن استغلالها للضغط على إسرائيل. أعلم أن هناك آراء أخرى ترفض المفاضلة بين الأسرى، وهناك من يستخدم مصطلحات مثل ‘الفرز’ المأخوذة من مفردات الهولوكوست، لكن من وجهة نظري هذا غير صحيح، وهو يُعرّض الصفقة النهائية للخطر – وأنا أريد أن أرى صفقة نهائية”، أوضح.
وأضاف: “للأسف، أنا من أولئك الذين يعتقدون أن حماس ستسعى دائماً للاحتفاظ بأسرى أحياء كدروع بشرية أو كورقة ضغط يمكن استخدامها لاحقاً. أعتقد أنهم استخلصوا العِبر من مشهد الإفراج الصعب عن أور ليفي، أوهاد بن عامي، وإيلي شيرابي. هذا لا يعني أن الأسرى لا يعانون أو ليسوا جياعاً، لكن الصورة الإعلامية تُعدّ مسألة مركزية بالنسبة لتنظيمات كهذه. وهم أيضاً يعرفون أن قتل الأسرى – مهما كانت أسبابه – ستكون له نتائج سلبية جداً عليهم”.
وحول مدى تأثير الضغط العسكري على حماس، يقول حوريف إنه يجب فهم العقلية السائدة داخل التنظيم.
“الضغط العسكري يؤثر كثيراً، لكن يجب فهم الأيديولوجيا لدى حماس – التي تطورت على مدار عشرة جولات مع إسرائيل، وبشكل خاص في ‘الجرف الصامد’ و’حارس الأسوار’ – وسمتها المركزية هي النهج المتطرف الذي يقول: ‘سننتصر دائماً’. لا يوجد ثمن دم مرتفع جداً من أجل النصر. هذا النهج تعزّز مع صعود يحيى السنوار لقيادة حماس عام 2017. ومن هذه الزاوية، حماس لم تتغير رغم الضربات التي وجهتها إسرائيل لها، وما زالت تتبنى الموقف القائل إنه حتى لو قُتل 20 ألف فلسطيني آخر – المهم أنني سأخرج منتصراً”.
ويضيف: “إنهاء الحرب مسألة ثانوية بالنسبة لهم، لأنهم يعلمون أنه حتى لو تلقّوا كل الوعود والضمانات، فلا يوجد ما يمنعنا من مهاجمتهم مجدداً – لا حتى وعد من ترامب. هم يدركون أنه لا توجد أي ضمانة حقيقية بأن إسرائيل لن تهاجمهم مستقبلاً. ومن وجهة نظرهم، سيريدون إعادة بناء قوتهم والتعاظم من جديد، وستعود إسرائيل لتهاجم، ولهذا لا توجد وسيلة لإنهاء هذه القضية بشكل نهائي دبلوماسياً. وهذا يعيدنا مجدداً إلى موضوع احتفاظهم ببعض الأسرى”.