هل ينجح ترامب في فرض السلام بين سوريا وإسرائيل

السياسي – يرى دبلوماسيون غربيون أن اللقاء السوري الإسرائيلي الذي عقد في باريس يمثّل اختراقاً مهماً واختباراً حقيقياً لمبدأ “السلام عبر القوة” الذي يروِّج له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحسب صحيفة لو فيغارو الفرنسية.

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الإسرائيلي للشؤون الاستراتيجية رون ديرمر عقدا اجتماعاً غير مسبوق في باريس، هو الأول منذ عقود بين مسؤولين بهذا المستوى من الجانبين، وسط مساعٍ أمريكية حثيثة لفتح صفحة جديدة بين دمشق وتل أبيب وإنهاء حالة العداء المستمرة منذ عام 1948.

وذكرت “لو فيغارو” أن اللقاء جرى تحت إشراف المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط توماس باراك، وركّز على تهدئة الأوضاع في جنوب سوريا بعد الاشتباكات الدامية بين الدروز والعشائر في محافظة السويداء، التي تلاها قصف إسرائيلي لمواقع قرب دمشق منتصف يوليو/تموز الجاري.

وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية، ناقش الجانبان إنشاء “ممر أمني منزوع السلاح” يمتد من هضبة الجولان حتى تخوم السويداء، على أن تشرف عليه قوة مراقبة دولية، تمهيداً لمفاوضات أوسع حول تطبيع العلاقات.

وتعد هذه المحادثات تتويجاً لسلسلة لقاءات سرّية استضافتها العاصمة الأذربيجانية باكو خلال الأشهر الماضية.

وأوضح تقرير الصحيفة الفرنسية أن التحرك يأتي في إطار إستراتيجية يتبناها الرئيس الأمريكي لتوسيع دائرة اتفاقات أبراهام.

ورغم أن البيت الأبيض يطمح إلى ضمّ سوريا – وربما لبنان لاحقاً – إلى منظومة التطبيع، مستنداً إلى تراجع نفوذ إيران وحلفائها بعد سنوات من الحروب بالوكالة في المنطقة،  فإن الطريق إلى السلام محفوف بعقبات، أبرزها وضع هضبة الجولان التي ضمتها إسرائيل عام 1981 واعترف الرئيس ترامب بسيادتها عليها منفرداً.

وتشدد تل أبيب على أن أي اتفاق نهائي يجب أن يكرِّس سيطرتها على الجولان، ويضمن خلو الجنوب السوري من الطيران الحربي ومنظومات الدفاع الجوي، وهو ما تعتبره دمشق “تنازلاً مستحيلاً” أمام الرأي العام المحلي.

في المقابل، يسعى الرئيس السوري أحمد الشرع إلى إعادة بناء بلاده بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب الأهلية المدمرة، ويرى في الانفتاح على إسرائيل بوابة محتملة لرفع العقوبات الغربية وجذب الاستثمارات لإعادة الإعمار.

وتشير تسريبات دبلوماسية إلى أن الإدارة الأمريكية تدرس حزمة تحفيز اقتصادي لسوريا، تشمل قروضاً ميسَّرة وتمويلاً من مؤسسات دولية، مقابل توقيع اتفاق سلام وترسيم حدود نهائية مع إسرائيل.

كما يرتبط التقدُّم في هذا المسار بوقف إطلاق النار الجاري التفاوض حوله في الدوحة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، إضافة إلى تهدئة جبهة السويداء.

بدورهم، يشبه مراقبون المشهد الراهن بفترة ما بعد حرب الخليج الأولى، حين أطلقت واشنطن مسار مدريد ثم اتفاق أوسلو العام  1993.

من جانبه، قال الخبير الفرنسي فابريس بالانش إن “نجاح المفاوضات مرهون بقدرة واشنطن على تأمين تمويلات ضخمة لإعمار سوريا، وباستعداد إسرائيل لتقديم تنازلات رمزية على الأقل في ملف الجولان”.

وأضاف أن “غياب التفاهم حول الترتيبات الأمنية قد ينسف أي اتفاق في مهده”.