صحيفة عبرية: هكذا انهار التحالف الذي خطط له ماكرون؟

يديعوت احرنوت

حتى قبل أن يُعلن عن نيته الاعتراف بدولة فلسطينية، حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قيادة تحرّك واسع النطاق على الساحة الدولية: بالتعاون مع السعودية، وضع خطة بموجبها فرنسا، بريطانيا وكندا – ثلاث من دول مجموعة السبع (G7) – ستدفع معًا نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، إلى جانب حشد الدول العربية لتبنّي موقف أكثر ليونة تجاه إسرائيل، كما أوضح في تصريحه، وذلك في إطار مؤتمر مخطط له في الأمم المتحدة.

ماكرون كان يأمل في خلق زخم دبلوماسي مزدوج – تجاه الفلسطينيين وتجاه دول المنطقة – لكن بعد أسابيع من الاتصالات، وجد نفسه وحيدًا.

ثلاثة دبلوماسيين مطلعين على التفاصيل قالوا لوكالة رويترز إن بريطانيا رفضت الانضمام إلى المبادرة خشية حدوث مواجهة مع الولايات المتحدة، بينما تبنّت كندا موقفًا مشابهًا.
وقال دبلوماسي فرنسي: “أصبح من الواضح أكثر فأكثر أننا لا يمكننا الانتظار لانضمام الشركاء”، موضحًا أن باريس ستحاول حشد دول إضافية حتى مؤتمر الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر، حيث يعتزم ماكرون الإعلان الرسمي عن قراره.

الدافع الشخصي لهذه الخطوة تلقّاه ماكرون خلال زيارته لبلدة العريش على الحدود بين مصر وغزة في شهر نيسان/أبريل. لقد صُدم من عمق الأزمة الإنسانية هناك، وعند عودته إلى باريس أوضح أن فرنسا ستتجه نحو الاعتراف بدولة فلسطينية.

داخل أوروبا نفسها، لا ينسجم جميع القادة مع موقف فرنسا. فإلى جانب رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر، الذي لم ينضم بعد إلى مبادرة ماكرون رغم تزايد الضغوط عليه في الداخل، قالت رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، صباح اليوم لصحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية إنها تدعم قيام دولة فلسطينية، لكنها تعارض الاعتراف المبكر بها قبل أن تُقام فعليًا على الأرض.

في ظل هذه الظروف، أصبحت السياسة الخارجية تقريبًا المجال الوحيد المتبقّي لماكرون ليُظهر فيه مبادرة وقيادة.
فهو يحاول أن يُقدّم جبهة صارمة في مواجهة روسيا، لكن من دون دعم واسع داخل أوروبا؛
يتلقى صفعة في إفريقيا، بعد انضمام السنغال إلى الدول التي تطالب بإنهاء الوجود العسكري الفرنسي؛
ويخوض مواجهة مستمرة مع الجزائر، التي قامت باعتقال ومحاكمة كاتب معروف يحمل الجنسيتين الفرنسية والجزائرية.

حتى في الولايات المتحدة، مكانة ماكرون تتزعزع، إذ يتجاهله الرئيس ترامب بشكل علني، وفقط يوم أمس صرّح بأن إعلانه “عديم الأهمية”. وقال ترامب: “ما قاله لا يغيّر شيئًا. إنه رجل طيب جدًا، أنا أحبه، لكن ذلك التصريح لا يحمل أي وزن”.

في هذا السياق، يُنظر إلى الاعتراف بدولة فلسطينية كفرصة بالنسبة لماكرون لاستعراض القوة، وكسب توافق واسع في الداخل والخارج – وربما حتى لضمان إرث سياسي له.

بالإضافة إلى ذلك، يرى بعض المحللين أن ماكرون يستخدم ورقة الاعتراف كورقة ضغط لانتزاع تنازلات من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومن أطراف إقليمية أخرى. وقالت رِيم مُمطاز، المحررة الرئيسية لمدونة Strategic Europe في مركز كارنيغي أوروبا، لوكالة “رويترز”: “ماكرون يحاول أن يكون محفّزًا يدفع الفلسطينيين لتطبيق إصلاحات ضرورية، والدول العربية للموافقة على قوة استقرار، ونزع سلاح حماس”.

أما مستشاره الإسرائيلي، عوفر برونشتاين، فقال أمس في حديث لموقع ynet إن إعلان ماكرون جاء، جزئيًا, كرد فعل على التصويت الذي جرى في الكنيست للمطالبة بفرض السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية).
وقال: “كانت هذه إجابة ماكرون على مخطط الضم، وأيضًا لأنه يرى أن إسرائيل لا تستجيب لما يُطلب منها – وقف إطلاق النار، إطلاق سراح الرهائن، والمساعدات ،لكن من الواضح أن بيبي (نتنياهو) يضرب بعرض الحائط كل المطالب”.