إلى الذي غنّى وجَعَنا وضحك من وجَعِنا

مأمون شحادة

أيها العابر فوق جراحنا كما تمرّ النغمةُ فوق وترٍ معتّق،
ها أنتَ ترحل… ونحن ما زلنا نتهجّى اللغة على أبواب مسرحك.
تركتَنا، ولكنك نسيتَ أن تُطفئ السيجارة الأخيرة،
ونسيتَ دفترك الصغير،
ذلك المزدحم بحبرٍ ساخرٍ… وحنينٍ لا يُشفى.
نم يا زياد،
فصوتك ما زال يمشي في الأزقة،
وفي مقاهي الفقراء،
وفي وجوه العشاق الذين تواعدوا على ألحانك، ثم افترقوا…
كما في مسرحياتك.
أيها الغاضب الجميل،
كم قُلتَ ما عجز عنه الشعراء،
وكم بكينا حين ظنّ الآخرون أننا نضحك،
كنتَ تخبّئ الحزن في جملة موسيقية،
وترسم الثورة في نكتة،
وتلعن الحرب… بأرقّ مقطوعة.
مَن الآن يقول للحاكم: كلا؟
ومن يعزف جنوننا بتوزيعٍ مجنون؟
من يُعلّق صوته على ذاكرة البلاد،
كمن يضع مفتاحه تحت سجادة الغياب،
ويكتب: “راجِع بعد قليل”؟
نم بسلام يا ابن فيروز،
نم بقلقٍ إن شئت، فالفوضى وطنك،
ونحن أبناء التردّد،
لكننا على يقينٍ أنك كنتَ أصدق من أوفى،
وأوفى من حلم.
رحلتَ،
ولكنك لم تذهب.
فأمثالك،
لا تُشيّعهم البلاد…
بل تضعهم في جيب القلب،
وتغلق عليهم الذاكرة،
كما تُغلق ألحانك على رعشة.
نقلا عن / أوان الرأي