إلى طلبة الثانوية العامة ، نجحتم تحت النار ، فاحملوا الأمانة في زمن الإبادة

بقلم: محمد التاج

في خضم الألم والمعاناة، وسط ركام البيوت، وتحت وطأة الحصار والتجويع والتهجير، وفي ظل حرب الإبادة التي لم تتوقف منذ 660 يوما على غزة وكل فلسطين، يشرق نور من الأمل … نور يشع من وجوه طلبة الثانوية العامة الذين انتزعوا نجاحهم من بين أنقاض اليأس، وثبتوا في وجه العتمة، ليقولوا للعالم: نحن شعب لا يكسر، ولا تطفأ شموع علمه مهما اشتدت العواصف.

 

نبارك من القلب لكل ناجح وناجحة، ولكل أم سهرت، وأبٍ ضحى، ولكل عائلة وقفت بثبات رغم الأوضاع الصعبة وقدمت ما تملك كي ترى أبناءها يقطفون ثمار تعبهم. إن نجاحكم اليوم هو أكثر من مجرد نتيجة، إنه فعل مقاومة، وإعلان تحد، ورسالة حياة في وجه ثقافة الموت.

 

لكن هذه الفرحة تبقى منقوصة، ولا تكتمل دون أن ننحني إجلالا لطلبة غزة الذين حرموا من تقديم امتحاناتهم، ومنهم من فقد مدرسته، أو بيته، أو عائلته، أو حياته. أكثر من 16000 شهيد من الطلبة، وآلاف الجرحى والمفقودين، تركوا مقاعد الدراسة تحت أنقاض المدارس، لكن أرواحهم ستبقى ترفرف فوق كل شهادة نجاح.

 

إلى طلبة فلسطين جميعا، أنتم اليوم تحملون بين أيديكم مفتاح الغد، وراية الأمل، لكنكم أيضا تحملون أمانة شعب يذبح كل يوم، وتصادر أرضه، وتنتهك مقدساته، ويجوع أطفاله. فلا تسمحوا للفرحة أن تنسيكم وجع غزة، ولا لفرصة التعليم أن تعزلكم عن نداء القدس، ولا لزهو التفوق أن يقطع حبل التواصل مع اللاجئ والمهجر والأسير والجريح.

 

كونوا طلابا، لكن لا تنسوا أنكم جنود لهذا الوطن، حملة قضيته، رواة حقيقته، وصوت من لا صوت له. اجعلوا من علمكم سلاحا، ومن تفوقكم منبرا، ومن مستقبلكم طريقا نحو الحرية والكرامة.

 

ففي وطن محتل، يكون النجاح مقاومة، ويكون التفوق التزاما، وتكون الشهادة بداية لا نهاية.

 

نجحتم تحت النار … فاحملوا الأمانة في زمن الإبادة