في بداية حرب 7 أكتوبر ومع اشتداد القصف الإسرائيلي على غزة، رفضت مصر استقبال الغزيين بحجّة أنّها لن تُكرّر نكبة 1948 ولا نكسة 1967، مؤكدةً أنّها لن تُساهم في تهجير الفلسطينيين. لكن خلف هذا الموقف أيضًا خوف مصري مشروع من انتقال الصراع إلى أراضيها وتهديد أمنها القومي، رغم أنّها استقبلت آلاف الفلسطينيين القادرين على دفع ثمن الخروج عبر معبر رفح بملايين الدولارات …
خلال هذه الفترة، استخدمت إسرائيل جميع السيناريوهات الممكنة لـ«حرق غزة» بهدف تحقيق غايتها الكبرى: تهجير السكان بالكامل. وأنا مصرّة، كما قلت منذ عامين، أنّ تهجير الغزيين حتميّ لا محالة.
اليوم، يعود الجميع ليطالب مصر بفتح أبوابها لاستقبال الغزيين، متناسين أنّهم هم أنفسهم رفضوا ذلك في السابق باسم «الصمود» و«الثبات» و«المقاومة». وها أنا أقولها مجددًا: الغزّي اليوم لا يقاوم ولا يصمد، بل يموت ويعاني ويجوع فقط.
في النهاية ستفتح مصر سيناء، وستُقام «المنطقة الإنسانية» في رفح المصرية، وسيغادر الغزيون غزة نحو مصر ثم إلى العالم. ستفتح الدول أبوابها، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وستجني مصر مقابل ذلك مساعدات وامتيازات واستثمارات دولية وحتى إعفاءات من الديون… وكل ذلك على حساب الفلسطينيين.
هكذا هي السياسة: سيناريوهات وحروب تُحيي شعوبًا وتُفني أخرى. وما حدث مع الشعب الفلسطيني نتيجة مغامرة كبرى قادتها حماس، فكانت النتيجة أن دفع الفلسطينيون ثمن نهاية قضيتهم ونهايتهم، وستدفع ما تبقى من قيادات حماس الثمن أيضًا بحياتهم وحياة عائلاتهم.
أما مسيرات «التعاطف الدولي» السياسي والشعبي، فما هي إلّا أضحوكة مريرة لم يحصد الشعب الفلسطيني منها سوى المزيد من الخسائر. وفي المقابل، الضفة الغربية ماضية نحو مسار مختلف تمامًا: سلام سياسي وازدهار اقتصادي… لكن تحت سقف إسرائيل
