لماذا لا يستسلم الفلسطينيون كما فعل اليابانيون

السياسي – لماذا لا يستسلم الفلسطينيون وينهون القصة، يتساءل كل من يريدون لهم الخير. لماذا هذا التصميم، لم لا توقعوا على وثيقة استسلام، وتعلنوا أنكم مهزومون، وأبناء مهزومين وأحفاد مهزومين، والسلام على فلسطين. “قصاص الأثر الشاحب” مع تغيير بسيط، “كونوا رجالاً وأهينوا أنفسكم”.

لتوضيح الأمور، يتحدثون عن استسلام اليابان. كيف جلب ذلك السلام لليابان، في حين أن استسلام الفلسطينيين أدى إلى مزيد من الدمار. في آب 1982 استسلمت م.ت.ف للإملاء الأمريكي – الإسرائيلي، وترك ياسر عرفات لبنان مع آلاف المسلحين الفلسطينيين. لم تمر بضعة أيام حتى نفذت إسرائيل مذبحة في مخيمي صبرا وشاتيلا، وقتلت 3 آلاف فلسطيني تقريباً. ولكن لماذا نبتعد؛ فبعد الانتفاضة الثانية تم التوقيع على اتفاق “خريطة الطرق” بإشراف أمريكي. وما جاء بعد ذلك معروف: إسرائيل لم تحترم الاتفاق، وهي الآن تنفذ تطهيراً عرقياً في الضفة الغربية وكأنها لم توقع على الاتفاق. كانت رسالتها أن من لا يوقع على الاتفاق معها فنهايته السحق. محمود عباس المسكين هو النموذج. تجدر الإشارة إلى أن الخطة تسمى باللغتين العربية والإنجليزية “خارطة الطريق”، أما بالعبرية فتسمى “خارطة الطرق”. المعنى، إذا كانت الطريق التي تم تحديدها لا تلبي احتياجات إسرائيل فسيرمونها وينتقلون إلى أخرى. هذه هي نظرة إسرائيل للاتفاقات.

إن الأرشيفات في إسرائيل مليئة بصور المخاتير والوجهاء العرب وهم يوقعون على وثائق استسلام بعد احتلال قراهم في 1948. إضافة إلى ذلك، مسح أصحاب القلوب الضعيفة في حينه دموعهم إزاء جملة في وثيقة الاستقلال، التي وعدت بالمساواة للجميع، بدون فرق في الدين والعرق والجنس. ولكن قبل أن تجف الدموع، أقيم حكم عسكري لا يرحم مع خطط لمصادرة الأراضي وطرد أكبر عدد من العرب. أحد ثمار هذه الخطط مذبحة كفر قاسم التي حدثت في ظل حرب 1956.

من أجل التاريخ، تجدر الإشارة إلى أن قائد الجيش المهزوم وقع على وثيقة الاستسلام أمام قادة الجيش المنتصر، هذا في العالم. أما هنا، في لحظة الاستسلام، فقد جلس جنرال إسرائيلي بزي عسكري، ووقف في الطرف الآخر مختار عربي يرتدي الكوفية والعقال. صورة عبرت عن ميزان القوة: الجنرالات مقابل الفلاحين. بعد ذلك، يقول المثقفون التافهون “لقد ثاروا علينا من أجل تدميرنا”. هذا القول يناسب الفلسطينيين أكثر.

الحقيقة، أن إسرائيل لا تؤمن باستسلام العدو، بل بالحسم فقط، الذي هو -حسب قادة اليوم- التدمير الشامل، وطرد الأرض من الفلسطينيين، وإذا تعذر ذلك كله، فالذهاب مباشرة إلى الإبادة الجماعية. انظروا إلى قطاع غزة.

كان التطهير العرقي في العام 1948 سهلاً. كان في 1967 أكثر إشكالية بقليل. ولكنه الآن غير ممكن. المطرودون المحتملون يعرفون أنهم سيذهبون إلى جهنم الأنظمة العربية. وفي المقابل، هذه الأنظمة، التي كانت حدودها مفتوحة في فترة الكولونيالية البريطانية والفرنسية، ستغلق حدودها كلياً الآن. لأنه إضافة إلى عبئها الاقتصادي، فإن موجة اللاجئين في 1948 هزت النسيج الاجتماعي – الطائفي، مثلما هي الحال في لبنان والأردن وسوريا.

إسرائيل على المستوى الأعلى تقترح على سكان غزة، ليس فقط على حماس، الاختفاء وليس الاستسلام فقط. شعار الجنود المثير للقشعريرة بقولهم “لنحتل، ونطرد، ونستوطن”، هو خطة عمل الحكومة. وهذا جوهر القرار الذي اتخذ الخميس الماضي. “الأول يقول: اذهب للنوم كي أذبحك، الثاني يرد: قولك يقض مضاجعي”. بعد ذلك يستغربون لماذا لا يستسلم الفلسطينيون. وثيقة استسلام اليابان لم تشمل الكلمات الساحرة مثل استيطان، إرث الآباء، شبر تلو شبر. هنا جهنم تنتظر الفلسطينيين. ويمكن فحص ذلك من وزير الدفاع إسرائيل كاتس، فهو يحتفظ بالمفتاح.

-عودة بشارات – هآرتس 12/8/2025