بقلم / ثورة ياسر عرفات
في قلب رام الله والبيرة، عند مركز بلدنا الثقافي، حيث كان أبناء شعبنا يرفعون أصواتهم مطالبين بجثامين الشهداء المحتجزة، باغت الاحـتلال المكان واقتحمه كما يقتحمون دومًا حياتنا وأحلامنا. لكن المشهد الذي خطّ في الذاكرة لن يُمحى: امرأة بألف رجل وقفت شامخة في وجههم… الدكتورة ليلى غنام.
لم تكن متفرجة ولا زائرة عابرة، بل تقدّمت الصفوف، اندفعت بكل شجاعة تواجه جنود الاحتلال، تصرخ في وجوههم، تدفع بصدورها العارية رصاصاتهم، تُسعف الجرحى، وتشدّ على أيادي الشبان. مشهد جسّد حقيقة من تكون هذه المرأة: حضور لا يعرف المكاتب ولا البروتوكولات، إنما يعرف الشارع والساحات والمواجهة.
ليلى غنام لم تكن هناك صدفة. هي التي اعتدنا أن نجدها دائمًا: بجانب أمهات الشهداء في بيوت العزاء، على أبواب المستشفيات مع الجرحى، وفي استقبال الأسرى واحتضان عائلاتهم. امرأة حاضرة ليلًا ونهارًا، لا تعرف التراجع ولا المساومة، تؤكد أن القيادة الحقيقية تُصنع في الميدان، لا في الصور والبيانات.
اصابة محافظ رام الله الدكتورة ليلى غنام بالاختناق خلال مواجهتها لقوات الاحتلال الاسرائيلي pic.twitter.com/aDubAUCumX
— alsiasi (@alsiasi) August 26, 2025
ولمن يجرؤ على التقليل من شأنها أو الهجوم عليها من خلف الشاشات نقول:
أنتم رجال بالكاد تُسمع أصواتكم من خلف لوحة مفاتيح، تنثرون كلمات باردة وتوزعون اتهامات رخيصة، بينما هي امرأة بألف رجل، تواجه الاحتلال وجهًا لوجه، وتضع نفسها حيث يجب أن تكون. أنتم ماذا قدّمتم؟ ماذا فعلتم لأرضكم وشعبكم غير الجلوس خلف الشاشات؟
هذا ليس دفاعًا عن شخص، بل عن نموذج حيّ للمرأة الفلسطينية المقاتلة التي كلما اعتقد الاحتلال أنه حاصرها، فجّرت في وجهه ألف ميدان جديد. ليلى غنام اليوم لم تكن مجرد مسؤولة أو شخصية عامة، بل كانت مرآة لشعب بأكمله، عنوانًا لشجاعة نسائنا وصبرهن وصلابتهن.
نعم، إنها امرأة بألف رجل… عنوان المرحلة وصورة فلسطين الحيّة التي لا تُهزم.