من غير المجدي الاستمرار في تحميل مسؤولية العدوان والإبادة الجماعية بقطاع غزة نتيجة ما حدث يوم السابع من أكتوبر “طوفان الأقصى”، وغض الطرف عن فكرة المشروع الأساسي لـ”إسرائيل” الذي يتمثل بتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء اتفاق أوسلو من قبل الجانب الإسرائيلي، من خلال اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين الذي وقع على اتفاق أوسلو.
وبعد ذلك أدرك الرئيس الراحل ياسر عرفات خلال الاجتماع الثلاثي بين الرئيس بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، بأن مشروع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مقدمتها السيادة الفلسطينية على القدس الشرقية غير قائم، ورفض بذلك الاتفاق وتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني. وعلى إثر إفشال كامب ديفيد وعودة الرئيس الخالد ياسر عرفات، بدأت سلسلة الإجراءات الإسرائيلية والتي تمثلت في اقتحام شارون المسجد الأقصى وباحاته، وبذلك بدأت انتفاضة الأقصى وبدأت المقاومة الشعبية في الضفة الغربية ومخيماتها والقدس وقطاع غزة.
ولكن بعد عمليات القتل للفلسطينيين بدأت مرحلة المقاومة المسلحة، ولا يستطيع الرئيس أبو عمار منع الشعب الفلسطيني من الدفاع عن نفسه. لذلك قد نختلف على عملية السابع من أكتوبر ونحمّل بعضنا البعض، ولكن ذلك لم يعد يجدي نفعاً. وعلينا أن نبحث حول الوسائل الممكنة لمنع تحقيق أهداف الاحتلال، والتي تتمثل في تهجير الفلسطينيين بقطاع غزة والضفة الغربية ومخيماتها والقدس.
لذلك يستمر رئيس الوزراء نيتنياهو والكابينيت الإسرائيلي في إجهاض كافة الحلول لوقف الإبادة الجماعية بقطاع غزة، بما في ذلك وقف إطلاق النار والهدنة لمدة 60 يوم التي قدمها المبعوث الأمريكي ويتكوف عبر الجانبين المصري والقطري، حيث طلب من حماس الموافقة عليها بدون شروط وتم ذلك الأمر. وقد تراجع نيتنياهو وبدأ الحديث حول مفاوضات وشروط أخرى، وفي نفس الوقت تم الإعلان عن “عربة جدعون 2” من أجل احتلال قطاع غزة.
وفي مثل هذه الوقائع الخطيرة لا يمكننا الحديث والنقاش حول المطالبة بتسليم حماس والمقاومة سلاحهم ونكرر تجربة البوسنة والهرسك مع الصرب. وفي نفس الوقت لا توجد مقاومة مسلحة في الضفة الغربية ومخيماتها، ومع ذلك يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي باقتحامات للمناطق في الضفة الغربية دون رصاصة واحدة. وفي الأمس شاهدنا اقتحام جيش الاحتلال مكاتب الصرافة في منطقة البيرة بمحافظة رام الله.
ومع ذلك تريد حكومة نيتنياهو التصعيد في هذا التوقيت حتى تكون هناك ردود فعل من قبل االأجهزة الأمنية الفلسطينية لخلق الذرائع للتصعيد بالضفة الغربية من أجل إفشال الجانب الفلسطيني في المساعي الدبلوماسية خلال الشهر القادم في الدورة السنوية للأمم المتحدة والاعتراف بدولة فلسطين من قبل عدد من دول العالم.
من الممكن أن تدرك السلطة الفلسطينية الفخ الإسرائيلي، والمقصود توريط السلطة قبل الذهاب إلى الأمم المتحدة في نيويورك، لي إفشال الجهود الدبلوماسية ولكن لا يمنع ذلك الشعب الفلسطيني من حق الدفاع عن النفس، وهذا حق شرعي كفلته الشرائع والقوانين الدولية. لذلك على القوى والفصائل الفلسطينية والمنظمات الشعبية تفعيل المقاومة الشعبية لمواجهة جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين في الضفة. والمقاومة الشعبية هي الحد الأدنى، ولكن لا يجوز الصمت والاكتفاء بإصدار بيانات الشجب والتنديد والاستنكار. من المفترض أن يكون هناك فعل شعبي ومنظم على غرار الانتفاضة الأولى التي وصلت إلى ذروتها من حيث التضامن الدولي في مختلف أرجاء العالم.
الدفاع عن النفس ضرورة وطنية فلسطينية.
الصراع مع الكيان الصهيوني صراع وجود، للدفاع عن حقوقنا الشرعية التي تؤكد عليها القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة.
لذلك من غير المجدي الاستمرار في جلد الذات، وتبادل الاتهامات والعدو الإسرائيلي يمارس كل أشكال الإرهاب والتطهير العرقي لتهجير شعبنا الفلسطيني.
⸻