السياسي – أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بحضور قادة وزعماء دول إفريقية مجاورة، أن القارة السمراء مطالبة بصناعة غذائها بنفسها واستثمار ثرواتها لصالح أبنائها، محذرا في الوقت ذاته من المخاطر المتزايدة التي قد تؤدي إلى انهيار منظومة العلاقات الدولية القائمة.
وفي كلمته خلال افتتاح الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر العاصمة التي تشهد حضور عددا من قادة الدول المغاربية والساحل ومسؤولين أفارقة رفيعين، أوضح الرئيس تبون أن هذه الطبعة تنعقد في ظرف عالمي بالغ الدقة والحساسية، حيث تتسارع الأحداث بشكل غير مسبوق وتتزايد المخاطر التي تهدد بانهيار منظومة العلاقات الدولية القائمة، مشيرا إلى أن الهم المطروح اليوم هو اقتصادي بامتياز، بل مصيري، يفرض على الجميع طرح السؤال الجوهري: أين تقف إفريقيا من الاقتصاد العالمي؟
وأكد أن المنظومة الدولية باتت مهددة في كيانها ووجدانها، معبرا عن خشيته من أن تكون إفريقيا، مرة أخرى، إحدى أبرز ضحايا هذه الأوضاع المتدهورة عبر تعنيف الأولويات وإضعاف صوتها وتهميش دورها في مسار إعادة تشكيل النظام العالمي، رغم ما تختزله من إمكانيات وطاقات كبيرة.
وأضاف أن اللقاء الحالي لا يعد مجرد تظاهرة اقتصادية، بل يمثل تجسيدا لوعي جماعي يدفع باتجاه بناء قارة متكاملة وقوية الإرادة وفاعلة في محيطها الإقليمي، مشيرا إلى أن إفريقيا حققت إنجازات معتبرة خلال العقدين الماضيين، منها تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وانضمام الاتحاد الإفريقي لمجموعة العشرين، وإقامة شراكات مع أكبر القوى والمنظمات العالمية.
وجدد الرئيس الجزائري قناعته بأن مستقبل إفريقيا يتوقف على مدى القدرة الجماعية لدولها على إقامة بنية تحتية متكاملة، مبرزا أهمية خلق مناخ استثماري لفائدة الجميع، وهو هدف يرتبط بتحقيقه مضاعفة الجهود وحشد الطاقات وتوحيد المسار لتحويل منطقة التجارة الحرة الإفريقية إلى أداة فعلية للتنمية.
ودعا تبون القادة والمسؤولين الأفارقة المشاركين إلى جعل هذه الطبعة من معرض التجارة البينية الإفريقية منطلقا جديدا وعهدا متجددا لبناء قارة قوية، متضامنة ومزدهرة، مضيفا: “فلتصنع إفريقيا غذاءها بنفسها، ولتستثمر ثرواتها لصالح أبنائها وبناتها، وتنتزع مكانتها عن جدارة واستحقاق في عالم اليوم والغد”.
وتوجه بكلمات وصفها بالعاطفية، قائلا: “نحن نناضل من أجل تنمية إفريقية حقيقية”، مذكرا بأن “إفريقيا ليست حقلا لتجارب الأسلحة الأجنبية”، وأنها بحاجة إلى التنمية، مؤكدا أن “من أراد وقف الهجرة المسماة غير شرعية، فعليه أن يساعد في الاستثمار وخلق فرص عمل لشباب إفريقيا من أجل إصلاح الأوضاع الراهنة التي تعكس إجحاف العالم في حق القارة”.