السياسي –
شهدت بحيرة لوك ناي في إيرلندا الشمالية، أكبر بحيرات المملكة المتحدة، كارثة بيئية متجددة للعام الثالث على التوالي، بعد أن غطتها طبقات كثيفة من الطحالب الخضراء السامة التي حوّلت مياهها إلى ما يشبه المستنقع وأطلقت منها روائح كريهة خانقة.
هذه الظاهرة التي وصلت هذا الصيف إلى مستوى قياسي يمكن رؤيته من الفضاء، أثارت قلقاً بالغاً بين السكان والخبراء على حد سواء، لما تحمله من أخطار بيئية وصحية واقتصادية جسيمة.
ويعزو خبراء البيئة تفاقم انتشار هذه الطحالب، المعروفة علمياً باسم البكتيريا الزرقاء (سيانوبكتيريا)، إلى عوامل عدة أبرزها التلوث الصناعي والزراعي، وتصريف مياه الصرف الصحي، إضافة إلى التغير المناخي الذي يزيد من حدة المشكلة.
وأكد علماء أن تصريف الأسمدة الزراعية من المزارع المحيطة يعدّ أحد الأسباب الرئيسية، في حين تشير منظمات محلية إلى أنّ غياب الرقابة الكافية على المصانع ومحطات معالجة المياه فاقم من حجم الأزمة.
الأثر الكارثي لم يتوقف عند تدهور المشهد الطبيعي للبحيرة، بل امتد إلى تهديد مباشر للحياة البرية وصيد الأسماك والرياضات المائية، فقد قضت الطحالب على كائنات أساسية في السلسلة الغذائية مثل ذباب البحيرة، وأدت إلى توقف أكبر مصايد ثعابين البحر في أوروبا عن نشاطها هذا العام.
كما تراجعت أعداد أسماك التراوت بشكل كبير، بينما فقدت أنشطة سياحية مثل التجديف والسباحة جزءاً كبيراً من جمهورها بفعل الروائح الكريهة ونفوق الأسماك.
في نفس السياق، وصف السكان المحليون، ومن بينهم الناشطة ماري أوهاغان، الوضع بأنه “مأساوي”، مشيرين إلى أن البحيرة “تموت أمام أعينهم”، ومطالبين بإنشاء هيئة بيئية مستقلة قادرة على محاسبة الملوّثين.
وأكدت أوهاغان أن الإجراءات الحكومية حتى الآن غير كافية، إذ لم يُنفذ سوى أقل من نصف خطة العمل التي أُطلقت عام 2024، بينما تأجل استكمال باقي التدابير إلى ما بعد 2026.
وبينما تنفي شركات مثل “موي بارك”، العاملة في قطاع الدواجن، مسؤوليتها المباشرة عن الأزمة، معتبرة أن الأمر “معقد ولا يُنسب إلى قطاع واحد”، يرى متضررون محليون مثل ميك هاغان، الذي اضطر للتخلي عن مهنة صيد الأسماك والاتجاه لإدارة مطعم متنقل، أن السلطات قصّرت في حمايتهم وفي تعويض خسائرهم.
وعبّر هاغان عن استيائه قائلاً: “الرائحة طردت السياح، والبحيرة التي غذّت أجيالاً باتت اليوم طاردة للحياة”.
فيما تبقى المخاوف الصحية الأكثر خطورة، إذ تعتمد إيرلندا الشمالية على بحيرة لوك ناي لتأمين نحو 40% من مياه الشرب، ما يجعل معالجة الأزمة أولوية قصوى لتفادي تحولها إلى كارثة إنسانية وبيئية واسعة النطاق.