بوابات العزل 

كتب بهاء رحال

يعود أصل كلمة “غيتو” إلى اسم الحي اليهودي في مدينة البندقية الإيطالية، وعلى غرار اسم الحي أنشأ النازيون تجمعات خاصة لليهود أطلقوا عليها اسم “غيتوهات”، وتمت محاصرتها بالبوابات والجدران والأسلاك. في الضفة الفلسطينية والقدس يحدث ذلك بحق الفلسطينيين من قبل الكيان المحتل، ففي مطلع الألفية الثانية قامت حكومة شارون ببناء جدار الفصل العنصري الذي وضع المدن الفلسطينية في عزلة شاملة، وبعد السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ باشرت حكومة نتنياهو بوضع بوابات حديدية على مداخل المدن، ثم امتدت البوابات فباتت تفصل المدينة الواحدة عن القرى المحيطة بها، ومع كل يوم يستفيق الفلسطيني على إقامة بوابات جديدة، وصارت بأعداد مهولة تجاوزت ١٢٨٠ بوابة ملوّنة بالأصفر والبرتقالي والأخضر والأسود، ولكل لون من هذه الألوان ما يشير إلى طبيعة البوابة والغرض منها؛ فمنها ما يُفتح لساعات معينة في اليوم، ومنها ما هو مغلق بالكامل طوال الوقت، ومنها ما يحيط بالتجمعات الاستيطانية ومعسكرات جيش الاحتلال.

على هذا النحو بات الفلسطيني يعيش في مدن وقرى معزولة بالجدران الأسمنتية، والبوابات الحديدية، والحواجز العسكرية، ونقاط التفتيش الممتدة على طول مساحة الضفة الفلسطينية، وبهذه الإجراءات العنصرية أصبحت حياة الفلسطيني محاصرة قهرًا وظلمًا واضطهادًا وإبادة.
فقد تعمّد الاحتلال نصب مئات البوابات الحديدية حول كل مدينة،

وفي الأشهر الأخيرة تزايدت بشكل كبير، حتى صارت حياة الفلسطيني ترزح داخل “غيتوهات”، وبات الطريق من الخليل إلى بيت لحم أو رام الله أو جنين يمر من خلال مئات البوابات التي لا تُفتح مرة واحدة، بل قد تقطع الطريق البوابات المغلقة بين شارع وشارع، فتعود مثقلاً بالفشل ومشقة الطريق، وقد لا تعود إلى نقطة انطلاقك لأن البوابة التي خرجت منها قد أُغلقت، فتجد نفسك مع طابور من البشر عالقين بين البوابات المقفلة والحواجز المغلقة والجنود الحاقدين.
خنق كامل لكل أشكال الحياة؛ هذا ما يفعله الاحتلال على الأرض وفق سياسات عنصرية واضحة، تهدف إلى قهر حياة الفلسطيني ودفعه نحو الهجرة الطوعية، كما يزعمون، من خلال تعمّدهم شلّ الحياة بكل جوانبها من خلال الواقع القائم بقوة العنصرية والتطرف وبكل صور حصار الحياة المفروضة بقوة الاحتلال.

———————————————
على هذا النحو بات الفلسطيني يعيش في مدن وقرى معزولة بالجدران الأسمنتية، والبوابات الحديدية، والحواجز العسكرية، ونقاط التفتيش الممتدة على طول مساحة الضفة الفلسطينية، وبهذه الإجراءات العنصرية أصبحت حياة الفلسطيني محاصرة قهرًا وظلمًا واضطهادًا وإبادة.