خطة ترامب تهمش السلطة الفلسطينية

السياسي – مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته الخاصة بوقف الحرب على قطاع غزة دخلت المنطقة ككل، والأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل خاص، حالة من النقاش والتفكير والتحليل. فأي تحولات تنتظر المنطقة؟ وما موقع الضفة الغربية المهددة بالضم وفرض السيادة من هذه الخطة؟ وما مصير السلطة الفلسطينية التي تجاهلتها الإدارة الأمريكية تمامًا بعد فوز الرئيس الأمريكي ترامب؟
يرى الأكاديمي في جامعة النجاح حسن أيوب، وهو الباحث والمحلل في الشأن الفلسطيني والسياسة الأمريكية، أن الخطة التي أعلنها ترامب تعكس حالة من تحويل السلطة الفلسطينية والضفة الغربية إلى ثنائية لا تلتقيان، بمعنى أنها عكست كل التجاهل من الإدارة الأمريكية للسلطة وعلى رأسها محمود عباس من ناحية الدور والفاعلية السياسية على مدى الأشهر الماضية، أي إنها ترجمت الموقف الأمريكي الرسمي إلى أفعال وسياسات وممارسات.
وأضاف أيوب: «ذلك المسار الذي لا تلتقي فيه السلطة مع الضفة لا يأتي من خلال القبول الأمريكي برفض إسرائيل لفكرة الدولة الفلسطينية، رغم سيل الاعترافات، فهذه الأخيرة لا تعني شيئًا حقيقيًا، لكنها تكرس هامشية السلطة حتى فيما يخص دورها في قطاع غزة، بحيث يتحول القطاع إلى كيان معزول».
وأضاف: «السلطة الفلسطينية، وهي من الأطراف التي سارعت إلى الترحيب بالخطة، في حين كان الأولى لها التريث قليلًا لبلورة موقف وطني جماعي، في ظل أن الخطة الترامبية وضعت الضفة تحت حرية التصرف الإسرائيلية وجعلتها مقدمة للمزيد من سياسات حشر السلطة أكثر فأكثر بدور ووظيفة هامشيتين».
ورأى أنه بدلًا من طرح السؤال حول موقف «حماس» كان يجب أن يكون: «ماذا رأت السلطة في الخطة حتى تقبل بها، والمذهل هنا أننا نعيش في لحظة تكاد تكون بلا أسرار، فما هو معروض على السلطة الفلسطينية يقتصر على الاعتراف الدولي وهو مشروط بالمناسبة، كما يحمل مضمون إخراج إسرائيل من المأزق الذي دخلته بفعل سياسات الإبادة، حيث تحولت إلى دولة منبوذة دوليًا».
وشدد أيوب على أن الخطة تحمل بداخلها بذور تحولات داخلية كبرى في فلسطين والمنطقة.

وانتقد الأكاديمي في جامعة النجاح حسن أيوب مسارعة السلطة بالموافقة على الخطة، ورأى أن هناك إمكانية للتفكير بالخطة والتريث قليلاً لوضع تعديلات عليها، في ظل أن اجتماع الساعات الست بين صهر الرئيس الأمريكي كوشنير والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قلب الخطة وأحدث فيها الكثير من التغيرات الجذرية، حيث يمكن القول إنها تغيرت جوهريًا.
ورأى أن جوهر الخطة هو حالة من إخراج قطاع غزة من معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي المقابل إخراج «حماس» من الحياة السياسية الفلسطينية، وهذا يمثل كارثة من الناحية السياسية.
ورأى أن المخرج الذي انتظره الفلسطينيون هو أن يتأخر الموقف الرسمي الفلسطيني في سبيل الخروج بموقف فلسطيني موحد، من خلال مبادرة سريعة تقف خلفها السلطة ومنظمة التحرير من أجل تنسيق الموقف الوطني الموحد بحيث يضم حركة «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي».
وتابع: «لقد كان من الغريب جدًا أن يصدر الموقف قبل الفجر بالموافقة على الخطة.. ولا نعلم ما هو الأساس الذي تم الاعتماد عليه».
إبراهيم ربايعة، باحث وأكاديمي في العلوم السياسية والاقتصاد السياسي، يشدد على مركزية الضفة الغربية بالنسبة للمشروع الاستيطاني، وهو ما يجعلها ركنًا أساسيًا بالنسبة لخطة ترامب التي جرى صياغتها لتتناسب مع ذلك التوجه وتلك الرؤية.
وأضاف ربايعة : «الضفة الغربية تعكس أزمة بالنسبة للمشروع الاستيطاني. لدى الاحتلال أزمة في الضفة الغربية وهو يريد حلها. هم غير قادرين على جلب مستوطنين للضفة وهو أحد معيقات المشروع الاستيطاني، والحل بالنسبة لهم تسكين الوضع القائم ودفع المزيد من الفلسطينيين للخروج الناعم».
وتابع: «ما يجري في الضفة اليوم حالة من التنفيس، تنعكس من خلال الدعم المالي الشحيح وغير المستمر، ليس بهدف إنشاء مشاريع اقتصادية قوية، إنما لمنع انهيار السلطة.. وفي جانب منه من أجل إحباط مشروع المتطرف سموتريتش لمنع انهيار السلطة».
ورأى ربايعة أن الخطاب تضمن فزاعة الإصلاح، وأن أهداف هذه الفزاعة متصلة بإدارة الصراع وليس بتمكين السلطة من دور سياسي للتحول إلى دولة. و»دليل ذلك أن هذه التجربة خضناها ونجحنا فيها بين عامي 2007 – 2013 فيما عُرف وقتها بالفترة الفياضية (نسبة لسلام فياض). لقد بنينا المؤسسات ولبينا المتطلبات الدولية، فيما كان رد العالم رفع يديه عاليًا وقال إنه لا يستطيع مساعدتنا للوصول إلى حلم الدولة».
وشدد على أن جزءًا من حالة إدارة الصراع هو المطالبة بهذا الإصلاح، وعليه يكون السؤال: «هل الإصلاح مطلب داخلي فلسطيني؟ الجواب أكيد نعم. لكن الإصلاح المطلوب دوليًا غير متصل بذلك أبدًا. نقول ذلك في ظل أن من غذّى هذه الحالة الفلسطينية البعيدة عن الديمقراطية هو الدعم الخارجي سياسيًا وماليًا. وبالتالي لن يكون الإصلاح السياسي هو الحل.
وحول مشاريع تحويل الضفة إلى إمارات مشتتة ومعزولة، وهو مشروع إسرائيلي قديم، رأى ربايعة أن ذلك المشروع يتنافى مع فكرة إدارة الصراع التي تقوم على سردية حل الدولتين، فسقوط السلطة يسقط هذا الخطاب، وفي حال حدث ذلك نكون إزاء حسم الصراع.
وختم: «إسرائيل استخدمت فائق القوة التي لديها لحسم الصراع بأقل وقت، ولم تتمكن من ذلك. وبالتالي الموضوع اليوم ليس فلسطين وإسرائيل، بل برز العامل العربي والدولي، وهو غير متصل فقط بإدارات الحكومات، بل بالشعوب والشارع العربي والدولي. وهو ما يجعل من إسرائيل أن تأخذ نفسًا قصيرًا وتعود إلى مرحلة إدارة الصراع إلى حين وجود فرصة للمضي قدمًا باتجاه مخططات الحسم. ربما هذا قادم، لكن المؤكد أن ذلك ليس وقته».