السياسي -د ب أ
هناك اعتقاد راسخ في الوقاية من السكري بأن فقدان الوزن هو السبيل الرئيسي لتقليل خطر الإصابة به، لكن دراسة دولية جديدة تتحدى هذا الاعتقاد.
ولعقود، كان الذين شُخِّصوا بمقدمات السكري يتلقون نفس النصائح من أطبائهم: تناول طعام صحي، وفقدان الوزن لتجنب الإصابة بالسكري.
وعلى الرغم من ثبات التوصيات الطبية لأكثر من 20 عاماً، يستمر انتشار السكري في الارتفاع عالمياً. ويجد معظم المشخّصين بمقدمات السكري صعوبة في تحقيق أهداف التخسيس.
دهون البطن
ووفق “مديكال إكسبريس”، كشف البحث عن نهج مختلف تماماً، يركز على عودة مستوى السكر في الدم إلى مستواه الطبيعي حتى مع ثبات الوزن الإجمالي، وذلك من خلال العمل على إعادة توزيع دهون الجسم بعيداً عن منطقة البطن.
وضم فريق البحث باحثين من جامعات توبنغن و دوسلدورف والجامعة التقنية في درسدن بألمانيا، إلى جانب باحثين من مستشفى جامعة كوبنهاغن، والمعهد الوطني للسكري في أريزونا.
وبحسب الدراسة يستعيد حوالي 1 من كل 4 أشخاص في برامج التدخل في نمط الحياة مستوى السكر في الدم إلى مستواه الطبيعي دون فقدان أي وزن.
واللافت للنظر أن هذا الهدأة المستقرة للوزن تحمي من الإصابة بمرض السكري في المستقبل بنفس فعالية الهدأة التي تحققت من خلال فقدان الوزن.
ويُمثل هذا تحولاً كبيراً في كيفية تعامل الأطباء مع المرضى الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، والمعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري. ولكن كيف يُمكن خفض مستويات السكر في الدم دون فقدان الوزن، أو حتى مع اكتساب الوزن؟
الدهون الحشوية
يكمن الجواب في كيفية توزيع الدهون في جميع أنحاء الجسم.
وتُعتبر الدهون الحشوية الموجودة في أعماق البطن، المحيطة بالأعضاء الداخلية، مُسبباً لاضطرابات التمثيل الغذائي، حيث تُسبب هذه الدهون التهاباً مزمناً يتداخل مع الأنسولين – الهرمون المسؤول عن التحكم في مستويات السكر في الدم.
وعندما لا يعمل الأنسولين بشكل صحيح، يرتفع مستوى السكر في الدم.
في المقابل، يُمكن أن تكون الدهون تحت الجلد – الدهون الموجودة مباشرة تحت الجلد – مفيدة. يُنتج هذا النوع من الأنسجة الدهنية هرمونات تُساعد الأنسولين على العمل بفعالية أكبر.
وقد أُظهرت الدراسة أن الذين يعكسون مرحلة ما قبل السكري دون فقدان الوزن، ينقلون الدهون من أعماق البطن إلى تحت الجلد، حتى لو ظل وزنهم الإجمالي ثابتاً.
أدوية إنقاص الوزن الهرمونية
كما اكتشف الباحثون جزءاً آخر من اللغز. يبدو أن الهرمونات الطبيعية التي تُحاكيها أدوية إنقاص الوزن الجديدة مثل ويغوفي ومونجارو وأوزمبيك تلعب دوراً حاسماً في هذه العملية.
وتساعد هذه الهرمونات، وخاصةً GLP-1، خلايا البنكرياس على إفراز الأنسولين عند ارتفاع مستويات السكر في الدم.
ويبدو أن الذين يتغلبون على مرحلة ما قبل السكري دون فقدان الوزن، يُعززون هذا النظام الهرموني بشكل طبيعي، مع تثبيط الهرمونات الأخرى التي عادةً ما ترفع مستويات الغلوكوز.
زيت السمك
وأظهر البحث أن الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة، المتوفرة بكثرة في الأنظمة الغذائية المتوسطية الغنية بزيت السمك والزيتون والمكسرات، قد تُساعد في تقليل دهون البطن الحشوية.
وبالمثل، يُمكن لتدريبات التحمل أن تُقلل دهون البطن حتى بدون فقدان الوزن بشكل عام.
ولا يعني هذا التخلي عن فقدان الوزن كهدف، فهو يبقى مفيداً للصحة العامة والوقاية من السكري.