الراهن السياسي العربي يدعونا الى التفكير المستعجل. والتفكير المطروح والمطلوب حاليا هو التفكير المستعجل، لان جملة من المسائل الدقيقة والخطيرة في معنى الهامة، طُرحت على الساحة… حراك شبابي قوي في المغرب يطالب بإصلاحات هيكلية في علاقه بالمرفق العام… لكنه أيضا يَطرح اشكالية دقيقة في علاقه بالنظام العربي عامة، اشكالية الفساد، واشكالية جودة الخدمات، واشكالية الكفاءة واشكالية التمثيلية السياسية.
في المستوى الثاني، نجد القضية الفلسطينية ومسألة غزة في الواجهة، وحراك شبابي لافت من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. وفوق هذا ايضا ميدانيا، كانت “القافلة” ثم “الاسطول” … وما تم من عمليات ترحيل… كل هذا يدل على ان هنالك في مستوى -على الاقل التسويق الاعلامي الذي تم-، ان هنالك اعدادا لشيء ما…
أعود لأقول بان الحراك الشبابي على واجهة غزة وعلى واجهة الاستحقاق التنموي والديمقراطي الداخلي، يكشف البروز وبقوه لما يسمى بالجيل “زد” جيل الشباب، الجيل الجديد، جيل الربيع العربي2، والذي يوحي ان هنالك اعداد لنسخة جديدة من الربيع الربيع 2…
هنالك من يعترض على قولي بالتالي “انك تلتجئين الى نظريه المؤامرة”. وردي هنا سريع وهو أن التاريخ السياسي مؤامرة، والتاريخ تآمري في جوهره وفي ماهيته محكوم بالدسائس، محكوم بالمغالطة، محكوم بترويج الوهم، بتزييف الوعي…
ليس هناك سياسة بعيدة عن التآمر، في معنى الصنعة… هنا أتحدث عن الحكم كصنعة، كمهنة… الحكم كحرفة لا يخلو من التآمر. والتآمر فيه بالطبع ما هو ايجابي وفيه ما هو سلبي… التآمر السلبي اذا ما اعتمدنا فكرة دفع الناس الى الحرية دفعا، حتى ولو وظفنا الوهم… هذا امر جائز، لكن اعود لاقول بان هنالك شيء يعد له… في علاقه بتوظيف الشباب…
شبكات التواصل الاجتماعي التي تشتغل بقوة في هذه الفترة، استعادت تلك الحركية التي عرفتها خلال سنه 2010 – 2011 فترة الاعداد للربيع العربي وحتى ما قبل 2010… تستعيد الشبكات تلك الوظيفة التاطيرية والتوجيهية.
بكل تاكيد، الذين قامت اسرائيل بترحيلهم الى بلدانهم وخاصة البلدان العربية، يبدو انهم سيكونون في قيادة شبكات التواصل الاجتماعي في الفترة القادمة، وسيكونون في قيادة الربيع الشبابي، الربيع الثاني او الربيع في نسخته الثانيه…
لا افهم الاشياء خارج الشبكات التي تشتغل، والتي تمول، والتي تدعم اعلاميا، التي تنتقي ايضا، وتجند اشخاصا بعينهم… على الاقل، علينا ان لا نفهم المسائل خارج السياق العملي والتطبيقي او السياق العملياتي لها… الشعارات البراقه القضايا النبيله قد تخفي اشياء خطيرة، قد تخفي اشياء لا علاقه لها بذلك النبل التي تدعيه تلك الحركات لنفسها…
وانا اقف موقف المحترز والمتابع بعنايه لما يحصل، واؤكد على مساله، لكي تكون الصوره واضحه لدى الجميع : أنتصرُ للحرية والديمقراطية، انتصرُ للتعدد وحق الاختلاف، لكنني أرفض العمالة، أرفض ان نكون مجرد مخبر. لسنا فئران تجارب، ولسنا ايضا ادوات توظف وتلحق بسياسات ومصالح ليست من مصالحنا، وليست مصالحنا.
