السياسي -متابعات
كشفت مذكرات مصوّرة لطبيب بريطاني عمل في قطاع غزة، تفاصيل مأساوية لما شهده من فظائع الحرب، حيث وثّق الطبيب جاي ماثيوز مشاهد مؤلمة لأطفال مصابين وطاقم طبي يواجه الانهيار النفسي والجسدي وسط نقص حاد في الإمدادات الطبية داخل مستشفى ميداني تابع لمؤسسة “UK-Med” البريطانية في منطقة المواصي.
وروى الطبيب خلال سلسلة من اليوميات المصوّرة بعضاً من أصعب اللحظات التي عاشها خلال ستة أسابيع قضاها في غزة، وهي زيارته الثالثة للمنطقة منذ اندلاع الحرب قبل عامين.
وأكد أن الواقع هناك يتجاوز حدود الوصف، حيث قال في أحد المقاطع: “استقبلنا ستة أطفال مصابين بطلقات نارية في البطن، اثنان منهم أُصيبوا بإصابات بالغة حتى إن أحشاءهم كانت خارج بطونهم، والمشهد لا يُحتمل”.
وفي يومياته المؤرخة في 25 أغسطس (آب)، تحدث ماثيوز عن القصف الذي استهدف مستشفى ناصر وأودى بحياة أكثر من 20 شخصاً، بينهم زملاء له في العمل، مضيفاً بأسى: “لدينا أفراد من الطاقم فقدوا أصدقاءهم، وآخرون أُصيبوا بشظايا.. هذا يذكّرنا كل يوم بمدى قرب الخطر منا”.
أما في 27 أغسطس (آب)، فقد وصف الطبيب حالة من الإنهاك الحاد بين الطاقم الطبي، حيث سقط أحد الجراحين مغشياً عليه أثناء العملية بسبب الجوع ونقص التغذية، وتحدث أيضاً عن المرضى الذين لا تلتئم جروحهم بسبب سوء التغذية ونقص المكملات.
وفي 31 أغسطس (آب)، سجّل الطبيب واحدة من أكثر اللحظات قسوة حين وصلت مئات الإصابات إلى المستشفى نتيجة استهداف موقعين لتوزيع المساعدات، قائلاً: “كان الناس يبحثون فقط عن الطعام، ومع ذلك انتهى الأمر بمئات الجرحى والقتلى.. إنه أمر مروّع وغير إنساني”.
كما روى في الخامس من سبتمبر (أيلول) مأساة شخصية حين فقد أحد الفنيين في المستشفى ابنته البالغة سبع سنوات في قصف مباشر، قائلاً: “هذا شخص نعمل معه يومياً، وفجأة يُجبر على مشاهدة مقتل ابنته الصغيرة.. الألم لا يُحتمل”.
وفي إحدى المذكرات بتاريخ 14 سبتمبر (أيلول)، تحدّث عن لحظة سقوط قذيفة قرب المستشفى أثناء إجراء عملية جراحية، حيث اهتزّت الخيام وسقط الغبار من السقف، لكن الطاقم واصل العمل رغم الخوف، وقال الطبيب: “في غزة أصبح الخطر جزءاً من الروتين اليومي، حتى ونحن نُجري الجراحات تحت القصف”.
ووصف في نهاية يومياته مشاهد الأطفال الذين فقدوا أطرافهم ويتنقلون على كراسٍ متحركة أو عكازات، قائلاً بأسى: “مشهد طفل في السابعة يحمل أنبوب صدره وكأنه حقيبة ظهر، ويعتبر ذلك أمراً عادياً.. تطبيع الألم هنا أمر يفوق الخيال”.
وفي آخر يوم له داخل القطاع، كتب ماثيوز في 25 سبتمبر (أيلول): “أغادر غزة وأنا مثقل بالذنب، لأنني أستطيع المغادرة بينما يبقى الآخرون وسط هذا الجحيم.. لا أعلم إن كنت سأراهم مجدداً”.