السياسي – قالت محافظة القدس إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل فرض سياسات عزل ممنهجة على القرى الواقعة شمال غرب المدينة، وخاصة (قرى بيت إكسا والنبي صموئيل وحي الخلايلة)، من خلال تصنيفها كمناطق «تماس» وإجبار سكانها على الحصول على بطاقات ممغنطة وتصاريح خاصة للتنقل من وإلى قراهم.
وأضافت في بيان صحفي أصدرته الخميس، أن الاحتلال بدأ منذ مطلع شهر سبتمبر 2025 بإصدار ما يُعرف بـ«تصاريح مناطق التماس» لأهالي النبي صموئيل وحي الخلايلة وبيت إكسا، بحيث لن يُسمح لأي شخص لا يحمل هذا التصريح بعبور الحاجز العسكري الذي يفصل القرى الثلاث عن محيطها، ما يعني فرض واقع جديد من العزلة التامة وخضوع حركة الدخول والخروج إلى هذه القرى لـ«الموافقة الأمنية الإسرائيلية».
ويُلزم القرار الجديد الأهالي بالحصول على بطاقات ممغنطة خاصة تُجدد كل أربع سنوات، في حين تُمنح تصاريح دخول مناطق التماس لمدة عام واحد فقط، وهي مخصصة حصريًا للوصول إلى القرى الثلاث دون السماح بالتنقل داخل مدينة القدس المحتلة.
وتُقدّر مساحة قرية بيت إكسا التاريخية بحسب المحافظة بنحو 14,221 دونمًا، إلا أن سلطات الاحتلال صادرت 7 آلاف دونم لصالح المستعمرات المحيطة، وصنّفت 6,500 دونم أخرى كمناطق «ج» يُمنع البناء عليها، ليبقى الأهالي محصورين في مساحة لا تتجاوز 650 دونمًا فقط، ويقطنها نحو ألفي مواطن.
ويُشار إلى أن الاحتلال أقام منذ عام 2013 حاجزًا عسكريًا على مدخل القرية لا يُسمح بعبوره إلا لمن يملك بطاقة هوية مسجل فيها عنوان بيت إكسا. واليوم، يأتي القرار الجديد ليزيد من عزلتها عبر تقييد الحركة بالبطاقات الأمنية الممغنطة.
أما قرية النبي صموئيل، فتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 3,500 دونم، لم يتبقَّ منها للأهالي سوى 1,050 دونمًا فقط بعد أن استولى الاحتلال على معظم أراضيها، ويعيش في القرية نحو 450 مواطن يعانون منذ سنوات من العزلة التامة، حيث لا يُسمح بدخولها إلا لسكانها المسجلين رسميًا، كما يعاني الأهالي من منع البناء أو الترميم في منازلهم بحجة أن المنطقة مصنفة كمحمية طبيعية، بينما تُستخدم الأراضي المصادرة لتوسيع المستعمرات القريبة.
وفي حي الخلايلة، التابع إداريًا لقرية الجيب، 700 مواطن يسكنون هذا الحي الذي عزله الجدار عام 2004 وسلخه عن القرية، وهو ضمن 6 آلاف دونم صودرت من أراضي الجيب، وما تبقى لأهلها هو 3 آلاف دونم ونيف، ويحيط بالحي أربع مستعمرات إسرائيلية تواصل قضم أراضيه تدريجيًا، وقد فُرضت على سكانه الإجراءات ذاتها، بما يشمل الحصول على البطاقات الممغنطة التي تُجدد كل أربع سنوات، بينما تُمنح تصاريح دخول مناطق التماس لمدة عام واحد فقط.
وأشارت محافظة القدس أنه حتى اللحظة، لم يُعلن عن العدد النهائي للأشخاص الذين رُفض إصدار البطاقات لهم بشكل نهائي، ومن المتوقع أن يُستكمل إصدار باقي البطاقات خلال الأيام القادمة، وتُظهر المعلومات أن الفئات الأكثر تضررًا تشمل الأشخاص المصنفين بأنهم «مرفوضون أمنيًا»، والنساء اللواتي تزوجن من خارج القرية، أو من داخلها دون تحديث عناوينهن الرسمية، إذ يمنع الاحتلال تحديث العناوين في مناطق النبي صموئيل وبيت إكسا وحي الخلايلة، كما واجه العديد من الأهالي الذين يعيشون خارج القرى صعوبات في استلام بطاقاتهم أو تأخيرًا في الإجراءات.
وأوضحت محافظة القدس أن تكريس هذا الواقع في القرى الثلاث يمثل خطوة تمهيدية لتوسيعه لاحقًا إلى بلدات مقدسية أخرى أو عموم البلدات الفلسطينية في مدن الضفة الغربية، خصوصًا مع استمرار الاحتلال في تركيب بوابات حديدية على مداخل القرى والمدن في محيط القدس والضفة الغربية، فبدل أن يكون القرار الإسرائيلي عامًا ومباشرًا، يجري تطبيقه تدريجيًا وبشكل مجزأ لتفادي ردود الفعل الدولية، وخلق واقع ميداني جديد يرسخ السيطرة الإسرائيلية الكاملة على حركة أبناء شعبنا داخل أراضيهم.
وأضافت أنه ومع مرور الوقت، يبدو أن إسرائيل تنفذ سياسة تهجير بطيء دون إعلان رسمي، إذ يجري إفراغ هذه القرى من سكانها تدريجيًا من خلال «القيود الأمنية» ومنع التوسع العمراني وإغلاق سبل المعيشة، لتتحول إلى مناطق شبه مهجورة، وهكذا يتحقق الهدف الإسرائيلي المتمثل في «أرض أكثر وعرب أقل»، وهو جوهر سياسة الضم الزاحف التي تسعى لتكريس السيطرة الإسرائيلية على محيط مدينة القدس وضمها فعليًا دون الحاجة إلى إعلان قانوني.







