السياسي – استغل رئيس الوزراء نتنياهو ووزير العدل يريف ليفين، قضية المدعية العسكرية العامة يفعات تومر-يروشالمي، كما لو كانت غنيمة كبرى. وجد الوزير المسؤول عن النظام القضائي، الذي كان معاديًا له لسنوات، فرصة أخرى لتبرير الانقلاب الذي أوقفته الحرب، ولتجديده. ووجد رئيس الوزراء المتهم جنائيًا فرصة أخرى لمهاجمة النظام القضائي، فيما يغمز لقاعدته. ومرة أخرى، كالعادة، تقف المستشارة القانونية غالي بهرب ميارا -العدو الأول لجمهور نتنياهو- في مرمى النيران. لا يهم أنها لم تفعل شيئًا يمنعها من التعامل مع القضية الحالية؛ بل على العكس، تصرفت تمامًا كما كان عليها أن تفعل عندما أثيرت الشكوك ضد المدعية العسكرية العامة. ولكن أي شأن لائتلاف الانقلاب بالحقائق؟
مساء السبت، أبلغ لفين، المستشارة ميارا أنها “ممنوعة” من التعامل مع قضية تسريب الفيديو من “سديه تيمان”، مُدَّعيًا أنها قد تُطلَب للإدلاء بشهادتها. فردّت عليه بشكل المناسب: “بيانه لا يستند لشيء واقعياً ولا قانونياً، بل يشكِّل محاولةً غير لائقة للتدخل في إجراءات التحقيق والإنفاذ. وزير العدل لا يملك هذه الصلاحية، وبقدر ما كان قرار المستشارة غير مقبول لدى ليفين، فقد كان بإمكانه الاستئناف أمام محكمة العدل العليا”. كما أن تعيين بديل للمدعية العسكرية العامة من صلاحيات وزير الدفاع ورئيس الأركان، وليس وزير العدل أو رئيس الوزراء.
من جانبه، وصف نتنياهو الحدث بأنه “واحد من أصعب الهجمات الدعائية المضادة في تاريخ الدولة”، وهو تعريف يكشف عن زيفه مرة أخرى. بالنسبة له، الجريمة ليست إساءة معاملة المعتقل الفلسطيني، بل فضحها. لكن ما يُشوه سمعة الدولة ليس الفيديو، بل ما يزعم من جرائم حرب: إساءة معاملة المعتقل بشكل سادي، والتستر، والأكاذيب، وزعزعة ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي ومؤسسات القانون. إن تحقيق المدعية العسكرية العامة ليس ترخيصًا يودعه نظام العدالة في أيدي سياسيين يسعون إلى تحويل الفشل إلى أداة تدمير. مهما علا صوت اليمين، فما حدث في “سديه تيمان” ليس فرية دم، بل حالة موثقة من إساءة معاملة معتقل بشكل خطير. وإن كشفها ليس فرية، بل تعزيز للديمقراطية والمناعة الداخلية للدولة.
إن من يسعون إلى إخفاء الجرائم باسم “الهسبرا” لا يحمون إسرائيل، بل يُعرّضونها للخطر على الساحة الدولية، ويتخلون عنها أخلاقياً. إن التحقيق الفعّال وتحقيق العدالة سيُثبتان استقلالية النظام القضائي ومناعة المجتمع. يجب ألا يُسمح للحكومة ومؤيديها باستغلال هذه القضية لسحق استقلال السلطات القضائية. إن التحريض ضد المستشارة القانونية والنظام يهدف إلى إضعاف سيادة القانون وصرف النقاش عن محوره الحقيقي: التفكك لنقاء السلاح في الجيش الإسرائيلي. نعم، يجب على المستشارة القانونية تحقيق العدالة، ولكن ليس على حساب التخلي عن استنفاد القانون مع من ينتهكون حقوق المعتقلين الفلسطينيين.
هآرتس 3/11/2025
								
															




