بعد أقل من شهر من الآن، ستُضاء شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد ببيت لحم، بالأضواء والأنوار ووصايا الأنبياء، بأجراس الكنائس التي ستقرع وترانيم الفرح التي ستصدح، مع بابا نويل الذي سيوزع الهدايا على الأطفال النائمين، بعد عامين من استبدال كل هذا بجندي إسرائيلي كان يوزع الرصاص على الأطفال في غزة والضفة والقدس.
التهاني لكل المسيحيين في العالم الذين سيعاد فتح كنائسهم بفلسطين التي ترنو إليها أبصارهم وقلوبهم، والتي سيعاد لها الفرح بعد اختطافه لعامين، واطمئنانهم بأن مدينة الميلاد لن تُحوّل هذا العام إلى ثكنة عسكرية، ولن تستبدل أغاني الرعاة بأناشيد الشهداء، وألحان الترانيم بصوت الرصاص، فلقد عادت مدينة بيت لحم للتحضيرات والاستعدادات لاستقبال عيد الميلاد بأجواء احتفالية.
ستحتفل الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي بعيد الميلاد في قداس منتصف ليل 24-25 ديسمبر المقبل، وستحتفل أيضا الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي في 7 يناير المقبل، وستحمل الاحتفالات هذا العام رسالة من بيت لحم وفلسطين عامة إلى العالم كله مفادها أن السلام لا يزال ممكنا من أرض السلام.
إن الفرح والاحتفال هو الخيار الوحيد الباقي أمام هذا الشعب المسالم، بعد أن تقطعت به السبل أمام كل المتفرجين على مقاعد السياسة والمشتغلين بها في هذا العالم الكئيب والظالم، فلا أحد تمكن من ارغام إسرائيل على السلام، ليبدأ الفلسطينيون، في بيت لحم من الآن في صناعة تحفا فنية، من أخشاب شجر الزيتون، لبيعها للحجاج المسيحيين الذين سيملؤون بيت لحم للاحتفال بالعيد في مسقط رأس النبي عيسى عليه السلام.
فرح واحتفال على أبواب الكنائس بعد دماء وشهداء، هي رسالة إثبات من الشعب الفلسطيني للعالم بأنه لا انحناء ولا استسلام في قاموسه، فهو يحرث الأرض المقدسة، يقاتل بأظافره ويعود ليعيش الحياة بحلوها ومرها، فبعد عامين من حرب الإبادة لم يجلس الفلسطينيون في الظلام يبكون المصائب ويلعنون الزمن، لا بل عادوا يتجهزون للاحتفال بعيد الميلاد ويضيئون أشجارهم، إنه شعب مثل طائر العنقاء القادر على التجدد، رغم احتراقه وتحوله الى رماد، إنه شعب ينهض من الرماد والركام، ليعطي أمل للعالم جميعا بالقدرة على النهوض من جديد رغم المصاعب والمصائب.
أخيرا ستفرح فلسطين وعاصمتها في الميلاد، بعد أعوام من تلاوة ترانيم التوق للسلام في مدينة المهد والسلام، لعل القدر يهديها سكينة وسلاما، فهذه أرض الرسالات كُتب لها أن تحفظ عهود الأنبياء والرسل، فلا تطفأ أشجارها وأضواءها طويلا.. نعم سيغني الرعاة أغاني العيد هذا العام، وستُسمع أجراس الكنائس، وهي تدق عقولنا وقلوبنا كأصوات المآذن تماما.. مرحى لفلسطين ..





