أقامت السفارة الفلسطينية بالجزائر حفلا تكريميا بمناسبة مرور 25 عاما على تأسيس «الأيام الجزائرية» التي تصدر عنها صحيفة «الأيام نيوز». وشهدت المناسبة تكريم السفير فايز أبو عيطة للمديرة العامة للمؤسسة الأستاذة نجاة مزوز، ومدير النشر الأستاذ عز الدين بن عطية، وذلك بحضور مستشار المؤسسة كريم كالي، والمكلف بالاعلام بسفارة دولة فلسطين بالجزائر الأسير المحرر خالد عزالدين، ورئيس اتحاد الكتّاب الفلسطينيين الدكتور حسين أبو النجا، الذي خصّ المديرة العامة بتكريم مميز.

وفي كلمته بالمناسبة، شكر السفير أبو عيطة إدارة «الأيام نيوز» وطاقمها الصحفي والتقني على جهودهم المستمرة في تغطية القضية الفلسطينية بموضوعية ومهنية، قائلا: “شكرا على كل هذا التعاون، نحن نقدر جهودكم”، مؤكدا في السياق نفسه أن “الأيام نيوز” لم تكن مجرد وسيلة إعلامية، بل منصة داعمة للحق الفلسطيني ومساهما فاعلا في تعزيز الوعي بقضايا الأمة.
وفي معرض حديثه عن العلاقة التاريخية والوثيقة بين الجزائر وفلسطين، شدد على أن “الثورة الجزائرية كانت ملهما كبيرا للثورة الفلسطينية، واستطاع قادة الثورة الفلسطينية أن يستلهموا كل القيم والمبادئ التي قامت عليها الثورة الجزائرية، وفي مقدمتها الوحدة الوطنية، والاستقلالية، والاعتماد على الذات وعلى الشعب أيضا. كل هذا أخذته الثورة الفلسطينية بعين الاعتبار، وبالتالي نجد بصمات كبيرة للثورة الجزائرية في الثورة الفلسطينية”.
وقال أبو عيطة: “الجزائر أول بلد تم التوجه إليه والتشاور معه بشأن انطلاقة الثورة الفلسطينية رسميا، وقاد ذلك الحديث والتشاور والعمل الشهيد الراحل أبو جهاد عام 1963، وقوبل بترحاب كبير من القيادة الجزائرية”. وتابع قائلا: “وتم توفير كل ما يدعم تلك المجموعة التي شكّلت الرعيل الأول في الثورة الفلسطينية: ياسر عرفات، وصلاح خلف، وأبو جهاد خليل الوزير، والرئيس أبو مازن الذي كان أيضا برفقتهم، وأبو الأديب الزعنون. كل هذه القيادة كانت موجودة، وبالتالي استفادت من الثورة الجزائرية”.
وفي السياق ذاته، أشار السفير إلى دلالة اختيار نوفمبر كتاريخ لإعلان دولة فلسطين، معتبرا أن هذا الاختيار يعكس التحام الشعب الفلسطيني بالشعب الجزائري وبتاريخه الوطني، لاسيما مع ارتباط نوفمبر بثورة الجزائر. كما استعرض أهمية انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988، بعد دورة 1987، وما تبع ذلك من قرارات تاريخية، حيث كانت الجزائر أول دولة تعترف بفلسطين وتفتتح سفارتها، لتتوالى بعدها الاعترافات العربية والدولية حتى بلغ عدد الدول المعترفة 159 دولة.
وعلى الصعيد القانوني، شدد السفير على اعتماد فلسطين الوسائل القانونية لمحاسبة الاحتلال على الجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك الاستيطان والحكم العسكري، مستعرضا القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومذكرات الاعتقال الصادرة بحق قادة الاحتلال، بما في ذلك نتنياهو ووزير الحرب ورئيس الأركان، في إطار متابعة الجرائم منذ حرب 2014 وحتى العدوان الأخير الذي بدأ في أكتوبر 2023.
كما حذر السفير من الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في 42% فقط من مساحة القطاع، مع نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، مشيرا إلى معاناة الأطفال وكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة يوميا. وأوضح أن القيادة الفلسطينية كانت مجبرة على قبول مبادرة مجحفة لإيقاف الإبادة، لكن الاحتلال استغل الوضع لزيادة سيطرته على القطاع.
وبالمناسبة، أشاد السفير الفلسطيني بالموقف الثابت والتاريخي للجزائر، مؤكدا أن دعمها للفلسطينيين لم يتغير رغم الظروف، سواء على صعيد مجلس الأمن أو على الساحة الدولية، مشيدا بالجهود التي بذلها السفير عمار بلاني وكشفه الحقائق أمام العالم.
وأكد في هذا الصدد أن موقف الجزائر متميز وثابت وقوي ومؤثر ومتوازن. فالجزائر لم تزايد على القيادة الفلسطينية ولا على الشعب الفلسطيني، بل تمسكت بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وهو ما ينسجم تماما مع الموقف الفلسطيني.
وأوضح أن “دور الجزائر لم يقتصر على مجلس الأمن، فموقفها ثابت تاريخيا لا يتغير رغم تغير الظروف. وجود الجزائر في مجلس الأمن خلال الإبادة في غزة منح الفلسطينيين صوتا يمثل ضميرهم، وخاصة من خلال أداء السفير عمار بلاني الذي نقل وجع الفلسطينيين وقصصهم للعالم، مثل قصة الطبيبة آلاء النجار والصحفية مريم أبو دقة”.
وشدد على أن “الجزائر لعبت دورا مهما في كشف الوجه الحقيقي للاحتلال الذي يحاول الاختباء خلف شعار (محاربة الإرهاب)”، مضيفا: “لولا دور الجزائر لما كانت هناك تحركات دولية لوقف العدوان. والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يحظى بتقدير كبير من القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني على مواقفه الثابتة والنبيلة، وهو يختصر الحل للقضية الفلسطينية بقوله: “لا حل للصراع دون إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس”.
وجدد السفير في كلمته التأكيد على استمرار الجهود الفلسطينية القانونية والدبلوماسية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق المدنيين والأسرى، مشددا على أهمية التضامن العربي والدولي لضمان حماية الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه التاريخية.
وفي سياق ذي صلة، تحدث السفير أبو عيطة عن جرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية، والاستيطان والحكم العسكري، مشيرا إلى أن دولة فلسطين أطلقت متابعات قانونية ولا تزال، وقد أثمرت هذه المتابعات نتائج مهمة. فقد أصدرت محكمة العدل الدولية مرتين فتوى استشارية تؤكد أن القوة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية هي قوة احتلال يجب أن تنسحب، وحددت برنامجا زمنيا لإنهاء الاحتلال، وهو ما يعدّ محاكمة للاحتلال من أعلى منبر قانوني في العالم.
ووفق السفير الفلسطيني: “منذ عام 2012 قدمت فلسطين طلب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وتم قبوله رغم الضغوط الأمريكية. فقد اعتبرت الولايات المتحدة أن انضمام فلسطين يشكل خطرا على إسرائيل، وحاولت منع الرئيس أبو مازن، لكننا أصررنا، لأن ذلك حق لنا بناء على اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كدولة مراقب”.
وذكّر المتحدث أنه “خلال السنوات الماضية، رفعت فلسطين شكاوى عديدة حول الجرائم التي ارتكبها الاحتلال، مثل حرب 2014 التي خلّفت 2500 شهيد و12000 جريح، وتدمير مناطق واسعة كالشجاعية وبيت حانون ومناطق شرق خان يونس ورفح”.
وأكد أبو عيطة أن “العدوان الأخير الذي بدأ في أكتوبر 2023 ولا يزال مستمرا، يعدّ أبشع جريمة إبادة جماعية يعرفها التاريخ”، لافتا إلى أن فلسطين قدّمت، بدعم دول عديدة، شكاوى لجرائم حرب ضد قادة الاحتلال. وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب غالانت ورئيس الأركان، ولا تزال المطالبات مستمرة لإصدار مذكرات بحق مجرمين آخرين، بمن فيهم جنود أعلنوا مشاركتهم في جرائم الإبادة.
للإشارة، تتواصل رسائل التهنئة على بريد “الأيام نيوز” بمناسبة احتفالها بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها، في مشهد يعكس عمق الأثر الذي تركته الصحيفة في الوجدانين الفلسطيني والعربي. فرغم مرور قرابة الأسبوع على مناسبة ربع القرن، لا تزال المؤسسات والهيئات الفلسطينية، الحقوقية منها والإعلامية والسياسية، تعبّر عن امتنانها لجريدة حافظت على خطها المهني والإنساني في الدفاع عن الحق الفلسطيني، ورفعت صوت الأسرى، وواكبت نضالات شعب يواجه الاحتلال بصلابة لا تنكسر.
هذه البرقيات المتتابعة لم تكتف بتهنئة الجريدة، بل جسدت تقديرا صريحا لمسيرة إعلامية جعلت من “الأيام نيوز” منبرا للوعي والموقف الحر، وجسرا ثابتا بين الجزائر وفلسطين، وامتدادا لمبادئ نوفمبر التي لا تزال تضيء كلمة الحق في زمن تضيع فيه البوصلة.







