السياسي –
في كشف أثري استثنائي يعيد رسم ملامح المعتقدات القديمة، أعلنت دراسة علمية جديدة عن تحديد أقدم تصوير معروف لخلق الكون على كأس فضية وُجدت في الضفة الغربية، ويعود تاريخها إلى 4300 عام.
بحسب صحيفة “نيويورك بوست”، فإن هذا المشهد الرمزي، الذي يشبه إلى حد لافت رواية الخلق في سفر التكوين، يجعل من القطعة الأثرية، والمعروفة باسم كأس عين سامية، أقدم سجل بصري لفكرة “نشأة الكون” في التاريخ البشري.

الكأس الصغيرة، التي لا يتجاوز ارتفاعها ثلاث بوصات، منقوشة بتفاصيل أسطورية دقيقة تشمل ثعابين، وكائنات خيالية، وآلهة، ورموز سماوية، إضافة إلى ما يُعرف بـ “قارب النور” الذي اعتُبر محورياً في تفسير حركة الأجرام السماوية.
وتشير الدراسة المنشورة في مجلة إكس أورينت لوكس إلى أن النقوش تمثل تحول الكون من فوضى ما قبل الخلق إلى نظام كوني منظم، وهو تصوير يسبق ملحمة “إنوما إليش” البابلية بأكثر من ألف عام.
مشاهد أسطورية
وبحسب الباحث دانييل سارلو، المشارك في إعداد الدراسة، فإن الكأس لا تصور صراعاً دموياً بين الآلهة كما في أساطير الشرق الأدنى، بل تقدم رؤية أكثر هدوءاً لولادة الكون وتشكّل نظامه.

يظهر أحد وجهي الكأس جذعاً بشرياً يمسك بسعف نخيل متشابك مع جسدي ثورين، يطفوان فوق شمس صغيرة بينما يحدقان في ثعبان ضخم.
أما الوجه الآخر، فيعرض شخصيتين تحملان جسماً هلالياً يُعتقد أنه يمثل الشمس والقمر وهما يبحران في السماء، بينما يبدو الثعبان نفسه مطروحاً وهزيماً أسفل المشهد.
سفينة سماوية
الدكتور إيبرهارد زانغر، كبير الباحثين في الدراسة، يوضح أن “قارب النور” المنقوش على الكأس يمثل سفينة سماوية تنقل الشمس والقمر عبر السماء، وهو تصور كان يُستخدم لتفسير الظواهر الكونية مثل تعاقب الليل والنهار، والفصول، وأطوار القمر.

يشير زانغر إلى أن هذه القطعة تقدم واحدة من أوضح الصور لما كان يدور في ذهن الإنسان في عام 2300 قبل الميلاد عن شكل الكون وبداياته.
ورغم العثور على الكأس عام 1970 داخل مقبرة في جبال الضفة، إلا أن تأويل نقوشها بهذه الطريقة “لم يظهر إلا حديثاً”.
وقد ظلت القطعة معروضة في متحف إسرائيل لعقود، دون أن يُدرك أحد أنها تحمل أقدم تصور مرئي للخلق عرفه التاريخ.







