عُذّب بسبب اسم عائلته – محرر يروي ما عاشه بسجون الاحتلال

السياسي – لا تزال قصص الموت في سجون الاحتلال الإسرائيلي تخرج للعلن على لسان من عاشوها وذاقوا ويلاتها بكل بشاعتها، يتحدثون عن وقائع وفظائع لا تخطر على قلب ولا عقل بشر، لكنها حدثت ولا زالت حتى يومنا هذا تحدث خلف أسوار السجون.

الأسير المحرر محمد الكحلوت، واحد من آلاف المعتقلين الذي تعرضوا للتعذيب لا لشيء، سوى أنهم من قطاع غزة، لكنه ذاق الأمرّين أيضًا، كونه من عائلة “الكحلوت” التي ينتمي إليها الناطق العسكري لكتائب القسام “أبو عبيدة”.

19 شهراً من الاعتقال، بدأت منذ 12 آذار/مارس 2024 وحتى الإفراج عنه في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهد خلالها فصولًا من العذاب اللامنتهي، حتى ، خبر استشهاده وصل لعائلته، وظنّت أنه من بين الشهداء الأسرى.

متحدثًا عن أشكال من التعذيب الجسدي والنفسي، وظروف احتجاز قاسية، ومحطات ظنّ فيها أنه لن يخرج حيًا، يروي “الكحلوت” تفاصيل اعتقاله الذي بدأ على أحد الحواجز في غزة، ويقول: “نادى علي الجندي: محمد الكحلوت تعال، وطلب مني معلوماتي الكاملة، اسمي الرباعي ورقم هويتي ورقم هاتفي. جاء عدد من الجنود، أغمضوا عيني وربطوا يدي واقتادوني لداخل مبنى، لبسوني كفن أبيض، وبدؤوا بتحقيق ميداني معي من الساعة 11 وحتى الخامسة مساء.”

ويضيف: “طوال الوقت كنا نتعرض للضرب أنا ومن كانوا معي ممن تم اعتقالهم على الحاجز.”

-تعذيب بحجّة “القرابة”..

بعد أيام من الاعتقال، نُقل “الكحلوت” إلى سجن سديه تيمان، حيث خضع لتحقيقات قاسية، وعن ذلك يقول: “تم إخراجي للتحقيق عند الاستخبارات العسكرية، تم التحقيق معي 13 يوم وأنا مشبوح وأتعرض للتعذيب.”

ويتابع: “عندما كنت أسأل عن سبب التحقيق والتعذيب كانوا يقولون لي لأنك من عائلة الكحلوت وقريب للناطق العسكري لكتائب القسام أبو عبيدة وجهاد الكحلوت. أقول لهم أنا لا أعرفهم، فيردون: لأنك من عائلة الكحلوت سنعذبك.. يقولون نريد أن نصل لأقاربك من خلالك.”

ويؤكد الكحلوت تعرضه لإصابات بليغة دون علاج،”تم كسر يدي وهي بحاجة لعملية ولم يتم إجراؤها لي. تم تعذيبي بالمقدح، فتحوا رجلي بالمقدح وكسر العظم ووضعوا لي بلاتين.”

ويتحدث عن الإذلال أثناء الاحتجاز: “عندما كنت أحتاج الذهاب للحمام وأنا مشبوح يجبروني على التبول في وعاء ثم يسكبه على رأسي.”

لم تُشبع أساليب التعذيب سادية الجنود، فكانوا يربطون أيدي الأسرى للخلف ويضعون الطعام أمامهم لإجبارهم على تناوله كالكلاب، يقول “الكحلوت”.

-“اللحظة التي ظنّوا أنه استشهدت”..

يسرد الكحلوت واحدة من أقسى محطّات أسره: ضربوني على رأسي، وقال أحد الشباب أني استشهدت لأني سقطت فاقدًا للوعي في حضنه، ويكمل: “صار الضابط يصرخ على الجنود بأن يوقفوا القمع ويردد: الكحلوت مات.. الكحلوت مات. وضعوني بكيس أسود وأغلقوا علي وأخذوني على مستشفى سوروكا، مكثت هناك بغيبوبة لمدة 12 يوم.”

ويضيف: “عندما خرج هذا الشاب بلّغ أهلي بما رآه وبما سمعه من الضابط أني مت.”

-صدمات وانتهاكات أخرى

يتوقف الكحلوت عند لحظة تركت أثراً كبيرًا عليه: “لحظة لا أنساها بالأسر: في سدي تيمان أجبروني على خلع ملابسي بالكامل وجلس الكلب فوقي… دخلت بعدها في صدمة، بقيت 3 أيام لا أتكلم ولا آكل ولا أشرب.”

ويتابع: “هناك زملاء تم اغتصابهم في سدي تيمان وفي أكثر من سجن.”

-جحيم عوفر..

في 15 يونيو/حزيران 2024 نُقل الكحلوت إلى سجن عوفر، ويروي شهادته قائلًا: “هناك كان الوضع أصعب بكثير، عوفر نسميه الجحيم من كثر التعذيب، كانوا يطلبون منا معلومات.”

ويقول: “مصعب هنية استشهد من شدة التعذيب لأنه من عائلة إسماعيل هنية. كل من له علاقة أو قريب لأحد القادة يتعرض للتعذيب.”

ويضيف عن مشاهد رآها داخل السجن: “كانوا يستهزؤوا باستهداف الصحفيين ويبلغونا عن استشهاد أحدهم.”

ويتابع: “هناك أسير اسمه محمد صابر عبد عرب، من شدة التعذيب لم يعد يقوى على الوقوف أبداً، كنا نحمله حملاً ليذهب لقضاء حاجته. وهو لا يزال بالسجن ولم يطلق سراحه بالصفقة. أخذوه من زنزانتنا واصطحبوه لما نسميه لمردوان الجحيم في عوفر وهو أكثر قسم نتعرض فيه لصنوف العذاب.”

ويقول الكحلوت: “قبل الصفقة بأسبوعين، تم تمديد اعتقالي لستة شهور أخرى، لكن بعدها جاء أحد الجنود وأخبرنا أنه سيطلق سراحنا جميعاً… صرنا نحضن بعضنا ونسلم على الشباب.”

ويتحدث الأسير المحرر عن اللحظة التي وصل فيها خبر رحيل والدته: “وصلني خبر استشهاد والدتي وأنا بالسجن.”

أما عن ردة فعل عائلته عند رؤيته حيًّا يرزق فيقول: “أهلي وعائلتي عندما رأوني ارتاحوا بعد أن وصلهم خبر استشهادي بالسجن، عندما رؤوني صدموا وقالوا لي: أنت مش أنت.. وصلنا خبر أنك استشهدت.”