السياسي – أفادت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية في تقرير موسع بأن نفوذ الرئيس دونالد ترامب داخل الحزب الجمهوري يمر بتراجع ملحوظ، مشيرة إلى أن قيادة ترامب تواجه أكبر اهتزاز لها منذ سنوات مع سبعة مؤشرات تؤكد هذا التراجع.
وذكرت المجلة أن ترامب، الذي احتفظ سابقا بسيطرة قوية منذ أحداث اقتحام الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير 2021، قد يستعيد زمام القيادة مجدداً، إلا أن التطورات الأخيرة توحي بأن الحزب بات يتعامل فعلياً مع احتمال مرحلة “ما بعد ترامب”.
وأولى هذه الإشارات، وفق التقرير، جاءت من تقدم مرشحي الحزب الديمقراطي في الانتخابات المحلية بولايات نيوجيرسي وفيرجينيا وجورجيا وبنسلفانيا، وفي المقابل، قالت المتحدثة أبيغيل جاكسون إن ترامب “نفذ عددا كبيرا من وعوده الانتخابية”، مؤكدة أنه مستمر في العمل كرائد لحركة “ماغا” من أجل “أمريكا أولا”.
-صدام إبستين داخل الكونغرس
سجلت واشنطن إحدى أهم الضربات السياسية لترامب، بعدما عجز عن منع الكونغرس الجمهوري من المضي في التصويت على مشروع قانون يفرض على وزارة العدل الكشف عن ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالي الخاصة بجيفري إبستين.
وكان ترامب يعدّ هذه الملفات بمثابة “الكأس المقدسة” التي قد تكشف شبكة اتجار جنسي عالمية، وظل طوال الصيف يضغط لمنع نشرها مع نفيه أي صلة بنشاطات إبستين السابقة.
لكن الضغط داخل الحزب الجمهوري بلغ مستوى غير مسبوق، إذ واجه ترامب رفضا من مشرعين بارزين، كما انهارت علاقته بالنائبة مارجوري تايلور غرين بعد امتناعها عن تنفيذ ما طلبه، ما دفعه لوصفها بـ”الخائنة”، وردّت هي باتهامه بتعريض حياتها للخطر.
ومع اقتراب التصويت الذي كان سيظهر هزيمته بوضوح، تراجع ترامب بشكل مفاجئ وطلب من الجمهوريين دعم المشروع لتفادي إحراج أكبر، فيما تؤكد الإدارة الأمريكية الآن أنه “كان صاحب دور” في دفع المشروع باتجاه الشفافية.
-انتكاسة في إنديانا
وبالتوازي مع معركة ملفات إبستين، تكبد ترامب انتكاسة جديدة في ولاية إنديانا، بعد أشهر من محاولاته الضغط لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية بهدف تأمين مقعد إضافي للجمهوريين في انتخابات 2026.
وأكدت قيادات الحزب في الولاية أن الأصوات اللازمة غير متوفرة، بالرغم من تهديده بعض المشرعين بدعم خصومهم في الانتخابات التمهيدية، فيما تواجه جهود مشابهة في ولايات أخرى، مثل فيرجينيا وكاليفورنيا، تحديات معاكسة تحدّ من قدرة ترامب على تحقيق مكاسب سياسية.
-شكوك المحكمة العليا
اصطدمت رؤية ترامب للرسوم الجمركية التي يعتبرها مفتاحا للعلاقات التجارية بتساؤلات حادة من قضاة المحكمة العليا، بينهم قضاة عينهم هو بنفسه، خلال جلسة تتعلق باستخدام صلاحيات الطوارئ لفرض الرسوم.
وكتب ترامب لاحقا منشورا غاضباً عبر “تروث سوشيال”، وسط قلق داخل الإدارة من أن يشكل أي حكم سلبي ضربة لسياساته الاقتصادية.
-إخفاقات مجلس الشيوخ
كشفت المستجدات الأخيرة أن ترامب لم يتمكن من فرض توجهاته على مجلس الشيوخ، بعد أن رفض زعيم الأغلبية جون ثيون الرضوخ لضغوطه لإلغاء التعطيل التشريعي (الفيلبستر) خلال أزمة الحكومة.
كما تمسك السيناتور الجمهوري المخضرم تشاك غراسلي بـ”قاعدة البلو سليب”، التي تتيح لأعضاء مجلس الشيوخ من كل ولاية الاعتراض على تعيين القضاة والمدعين، رافضاً التخلّي عنها رغم كونه من أبرز الداعمين لترامب في ملف “تسليح وزارة العدل”.
-العفو لا يوقف الملاحقات
وفي تطور آخر، نقلت المجلة أن العفو الواسع الذي أصدره ترامب عن عشرات حلفائه المتورطين في محاولات قلب نتائج انتخابات 2020 لم يكن كافياً لوقف القضايا. فقد أعادت المحكمة العليا في نيفادا إحياء قضية ضد ستة منهم.
وفي جورجيا، فُعّلت القضية الجنائية ضد ترامب نفسه بشأن محاولات تغيير النتائج، ما يشير إلى أن نفوذه لا يحميه من الملاحقات على مستوى الولايات.
-خلافات داخل معسكر “ماغا”
وأثار مقترح ترامب بتقديم قروض رهن عقاري تمتد لخمسين عاماً استياءً لدى شخصيات بارزة في حركة ماجا، إذ رأوا أن هذه الخطوة ستزيد الأعباء على الأمريكيين، ما تسبب بتوتر واضح بين البيت الأبيض ومسؤول الإسكان بيل بولتي.
كما أثارت تصريحاته الداعمة لتوسيع برنامج تأشيرات العمالة الأجنبية H1B غضبا بين جزء من قاعدته، رغم تأكيد الإدارة أن سياساته الاقتصادية خدمت المولودين في الولايات المتحدة وأن إصلاح نظام التأشيرات جارٍ لمنع إساءة استخدامه.
وبمجمل هذه المؤشرات، يواجه ترامب مرحلة سياسية مضطربة داخل حزبه، في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول قدرته على استعادة نفوذه الكامل في الحزب الجمهوري.





