في ذكرى استشهاده – عز الدين القسام مسيرة مقاومة فلسطينية

السياسي – يوافق يوم ٢٠ نوفمبر ذكرى استشهاد قائد المقاومة الفلسطينية الشهيد عز الدين القسام خلال معركة “يعبد”، بعد أن عاش حياة نضالية قاوم فيها الاستعمار الفرنسي والاحتلال الإسرائيلي، إذ كان صاحب أول شرارة للكفاح المسلح على أرض فلسطين، ورغم استشهاده بعد أيام من إعلانه الجهاد، إلا أن حكايته أضاءت طريقًا أمام حركات المقاومة الفلسطينية ليظل اسمه مرتبطًا بمقاومة الاحتلال من جبال جنين في ١٩٣٥ ببطولات عصبة القسام إلى أراضي غزة في ٢٠٢٥ بصمود كتائب عز الدين القسام.

* النشأة بين رحاب القرآن وحلقات الأزهر
ولد محمد عز الدين القسام، لعائلة من أصل عراقي تقيم بالساحل السوري، لأب يعمل مُحفظًا للقرآن الكريم، ليتلقى عز الدين حفظ القرآن في كُتّاب أبيه حتى قرر دراسة العلوم الشرعية بجامعة الأزهر، حين سافر إلى مصر بعمر ١٤ عامًا، أقام بعدها ١٠ سنوات في رحاب الأزهر، بينما عمل في بيع الحلوى للإنفاق على دراسته حتى عاد إلى الشام إمامًا وخطيبًا للجمعة.

* محرض على الجهاد وشوكة في حلق الاستعمار الفرنسي
عاش “القسام”، شبابه في فترة محورية شهدت تصاعد الهجمات الاستعمارية على الدول العربية، حيث احتل الإيطاليون ليبيا عام ١٩١١ ليقدم القسام موقفًا مشرفًا حين استفاد من عمله كإمام لتجنيد السوريين والدعوة للجهاد بتنسيق مع الدولة العثمانية لنقل المجاهدين بسفينة إلى الأراضي الليبية، إلا أن تراجع العثمانيين عن الفكرة منع تنفيذ مبادرة القسام لحماية الليبيين.

وعاصر القسام، أيضًا بدايات الاستعمار الفرنسي لسوريا خلال الحرب العالمية الأولى، حيث كانت اللاذقية – مكان تواجد القسام – من أكثر مناطق سوريا امتلاءً بجنود الاستعمار؛ ليبادر القسام بدوره النضالي مع ١١ من رجاله، تحصنوا بجبل صهيون وشنوا الغارات على الفرنسيين؛ لتسفر إحداها عن إبادة مجموعة فرنسية بالكامل في عملية بانيا، التي كانت سببًا في إصدار حكم غيابي على القسام بالإعدام، وملاحقة فرنسية للقسام ورجاله أدت لخروجه من الأراضي السورية.

* إيقاظ روح المقاومة الفلسطينية ضد الهجرات الصهيونية
تنقل القسام وعدد من رجاله هربًا من الملاحقة الفرنسية إلى فلسطين التي كانت تحت السيطرة البريطانية؛ ليستقر القسام في حيفا، المدينة التي يشكل الفلسطينيون المشردون بسبب الصهاينة نسبة كبيرة من سكانها، ليعمل القسام مأذونًا وإمامًا ومدرسًا ويكوّن شبكة علاقات واسعة بين أهل المدينة.

وبادر القسام آنذاك بموقف نضالي جديد حين كوّن بشكل سري عصبة القسام، ولم تكن حركة مسلحة كبيرة؛ فيما شكّل عمال المحاجر والمزارعون أغلب أفرادها في حلقات منفصلة تضم كل منها ١٢ شخصًا.

* بداية المقاومة ببندقية واحدة
امتلكت عصبة القسام، أول سلاح لها عام ١٩٢٨ تزامنًا مع الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى؛ ليقرر القسام شراء بندقية وجلب مدرب يعلم أفراد العصبة على استخدامها، ليبدأوا التدريبات السرية، حيث يستغل القساميون عملهم بالمحاجر للخروج نحو الجبال ليلًا للتدريبات التي كانت تضم ٣ أفراد بكل مجموعة.

* القسام وشرارة المقاومة المسلحة
غاب العمل المسلح عن فلسطين طوال السيطرة البريطانية وتزايدت الهجرات اليهودية، ولكن مع قدوم موجة هجرة استثنائية عام ١٩٣٥ بلغ عددها ٦٠ ألف يهودي، قرر القسام في نوفمبر من نفس العام إعلان الجهاد المسلح في خطبة الجمعة، ليتوجه بعدها مع ١٩ من القساميين نحو جبال مدينة جنين في بداية لحركة المقاومة المسلحة.

* استشهاد القسام.. دماء أشعلت المقاومة
كان القسام يتحرك مع ١٠ من رجاله في جبال يعبد يوم ١٩ نوفمبر ١٩٣٥ حين استدل الإنجليز على موقعه وهاجموه بنحو ٢٥٠ من الجنود والشرطيين؛ ليأمر القسام جنوده بالاستتار خلف خيولهم وإطلاق النار على الإنجليز وتجنب العرب المرافقين للقوات نظرًا لجهلهم بحقيقة الموقف، ليتمكن القساميون من قتل ١٥ من جنود الإنجليز، بينما سقط في المقابل ٤ شهداء قساميون على رأسهم عز الدين القسام، والذي وجد الإنجليز في جيبه مصحفًا، و١٤ جنيهًا رغم تلقي العصبة الكثير من الأموال لدعمها مقاومة الاحتلال.

وكان استشهاد القسام دافعًا لاشتعال حركات المقاومة، حيث انتشرت قصته على لسان أفراد العصبة خلال التحقيقات معهم؛ لتنشأ العديد من حركات المقاومة في السنوات التالية خلال الثورة الفلسطينية عام ١٩٣٦، ولتستمر الجماعات المقاومة باستلام الراية حتى ظهرت كتائب عز الدين القسام التي حملت الراية لعشرات السنين وقادت عملية “طوفان الأقصى”، ومقاومة جيش الاحتلال الإسرائيلي على أرض غزة.