السياسي – يعتبر أديب ومؤرخ إسرائيلي أن إسرائيل قد أضاعت الفرصة الأكبر في الحرب بإمعانها بالتعويل على القوة بدلًا من الذهاب إلى اتفاقات وتسويات، مشددًا على أنها لن تستطيع القفز عن الشعب الفلسطيني، وأن رهانها على العيش الآمن في الشرق الأوسط دون تسوية قضيته هو وهم وسراب.
في مقال تنشره صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم الخميس، يقول البروفيسور آفي شيلون إن الوضع الإستراتيجي لإسرائيل بعد نهاية الحرب مضلِّل، لأن ما يُفهم عندنا كمشكلة وخطر هو في الواقع امتياز وفرصة، والعكس صحيح.
ويضيف: “أولًا من المهم الفهم أن الحروب كلما كانت كبيرة تؤدي إلى تغييرات دراماتيكية أكثر. من زاوية نظر تاريخ الصهيونية، فإن الحرب العالمية الأولى هي التي ساهمت، قبيل نهايتها، وإزاء هزيمة الدولة العثمانية في إصدار وعد بلفور الذي اقترح “وطنًا قوميًا لليهود” في فلسطين. في نهاية الحرب العالمية الثانية كانت النتيجة رغبة عالمية جديدة ساعدت كثيرًا في صدور القرار الأممي 181، قرار الاعتراف بدولة يهودية”.
كما يزعم المؤرخ الإسرائيلي أن حروبًا أقل حجمًا مثل حرب 1973 ساهمت في استمرار تسوية السلام مع مصر. ومن هنا يستنتج شيلون أن الحرب على غزة التي تطورت إلى حرب إقليمية بين إسرائيل وجاراتها، وقد أثّرت على أجزاء واسعة من العالم، ستؤدي عند نهايتها إلى إمكانيات سياسية جديدة، وهي فعلًا مطروحة الآن.
ويقول إن التدخل الدولي يثير قلقًا في إسرائيل من ناحية فقدان السيادة، وغضبًا على رايات تركية وقطرية تُرفع داخل غزة وكأن رايات “حماس” أفضل.
ويتابع: “كان من المفضّل أن تبادر إسرائيل لحل دون انتظار فرض الأمور عليها، لكن مجرد التدخل الدولي هو بحد ذاته أمر إيجابي، لأن الحضور الدولي سيمنع تكرار السابع من أكتوبر. كما أن التاريخ يدل على أن الإسرائيليين والفلسطينيين غير قادرين على إيجاد حل بينهم وبين أنفسهم، ولهذا جيد أن تحمل جهات أجنبية مثل هذا العبء. وبشكل عام فإنه كلما كان تداخل دولي متزايد في الدولة الفلسطينية التي ستقوم ربما، فإنها ستكون أقل تهديدًا على إسرائيل”.
وبالنسبة للمؤرخ الإسرائيلي، فإن المشكلة تكمن في أن إسرائيل تفضّل التركّز بالمخاوف من قيام دولة فلسطينية بدلًا من الفهم أنه لا موعد أفضل من الوقت الحالي لمسيرة السلام؛ من ناحية ضعف الفلسطينيين واستعدادهم لإصلاحات، ومن ناحية الاعتراف الدولي بحاجات الأمن الإسرائيلية.
ويعتبر أن الأمور مستهجنة بالنسبة للبنان أيضًا، ويعلل هذا بالقول: “وفقًا للتقارير، يطالب لبنان بمفاوضات مباشرة حول الانسحاب من الثكنات العسكرية في الجنوب مقابل تفكيك سلاح “حزب الله” واتفاق سلام. ربما تكون حكومة لبنان أضعف من اللازم، لكن هل مفضل أن نبقى في الجنوب ونواصل ضرب أهداف بين الفينة والأخرى؟ بالطبع هناك احتمال أن الطريق الأفضل لتحييد “حزب الله” كتهديد هو الاتفاق مع لبنان. في كل الأحوال لم نسمع عن أي دراسة في موضوع السياسات الإسرائيلية في هذا الشأن”.
وبرأي شيلون، فإن هذه الحالة تنطبق على الحالة السورية، ويقول إنه بعد سقوط الأسد احتل الجيش الإسرائيلي أجزاء إضافية من جبل الشيخ لم تكن من قبل أهدافًا إسرائيلية. ويتابع: “الآن يقترح الشرع اتفاقًا أمنيًا مقابل الانسحاب، فهل تجري إسرائيل تدارسًا بهذا الخصوص حول السؤال: هل من المفيد لنا الانسحاب واغتنام الفرصة التاريخية؟ الآن تبدو إسرائيل تفضل في الأساس الحفاظ على الوضع الراهن والتركيز بالزاوية الأمنية الضيقة، وليس الفهم أن الأمن الحقيقي ينبع من تسويات”.
ويؤكد أن هذه الحالة تنطبق أيضًا على السعودية، معتبرًا أن امتيازات السلام معها واضحة.
ويضيف: “الأمر العبثي أن ما يطالب به السعوديون هو مسار لدولة فلسطينية منزوعة السلاح وتحت الرقابة، تعتبره إسرائيل تهديدًا، علمًا أن هذا ربح كبير: إنهاء الصراع مع الفلسطينيين بشروط تكفل أمن إسرائيل. حاليًا، فإنه طالما لا تطلب إسرائيل قيادة احتمالات تسوية، إنما تواصل التغني بمكاسب عسكرية، يحصل السعوديون من أمريكا على طائرات ودبابات كان يُفترض أن تصلهم فقط مقابل تطبيع معنا”.
ويخلص المؤرخ الأديب الإسرائيلي شيلون للقول إن فقدان إستراتيجية سياسية شجاعة تنبع من اعتقاد بأنه لا يمكن القفز عن حل مع الشعب الفلسطيني والعيش بسلام في المنطقة، من شأنه أن يصبح “تفويتاً للفرصة الأكبر في الحرب”.






