السياسي – تدخل إسرائيل مرحلة شديدة الحساسية مع اقتراب موعد التصويت على مشروع موازنة عام 2026، في ظلّ انقسامات داخل الائتلاف الحاكم، وخلافات تتصاعد حول أولويات الإنفاق في “اقتصاد الحرب”؛ ما يهدد بسقوط حكومة بنيامين نتنياهو ويفتح الباب واسعاً أمام انتخابات تشريعية مبكرة.
فعلى الرغم من تطمينات ما يسمى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأنّ الموازنة ستحظى بثقة الكنيست في المواعيد المحددة، تكشف مسودة الموازنة عن تناقضات حادة، وتعمّق فجوة الخلافات بين الحكومة والمعارضة، بل وحتى داخل الفريق الحاكم نفسه.
-مؤشرات مالية ضاغطة
تواجه إسرائيل 3 مؤشرات اقتصادية خطيرة:
1. تراجع التصنيف الائتماني:
وكالة “موديز” أبقت نظرتها المستقبلية للاقتصاد الإسرائيلي سلبية ووضعت التصنيف عند درجة Baa1، وهو الأدنى في تاريخ إسرائيل؛ ما يعكس ضعف الأداء المالي وصعوبة بناء “اقتصاد حرب” قادر على موازنة النفقات الضخمة.
2. تقرير مراقب الدولة:
مراقب الدولة ماتنياهو إنجلمان وجّه انتقادات لاذعة لآلية اتخاذ القرار خلال الحرب، مشيراً إلى هيمنة “أجندة الحرب” التي يقودها سموتريتش على حساب الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية.
3. فجوة مالية ضخمة في موازنة 2026:
وزارة المالية تقدّر وجود فجوة تصل إلى 12.1 مليار دولار بين موازنة 2025 والاحتياجات الفعلية لعام 2026، مع خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 2.8%، مقابل توقع نمو 5.2% في 2026، وعجز متوقع يبلغ 3.2% من الناتج المحلي.
-تطمينات لا تقنع أحداً
يحاول سموتريتش تهدئة المخاوف بالإصرار على أن الحكومة قادرة على تمرير الموازنة، داعياً إلى “إبعادها عن الخلافات السياسية”. غير أنّ هذه الرسالة بدت أقرب إلى محاولة لامتصاص الغضب، بحسب مراقبين يرون أنّ الحكومة نفسها جزء من الأزمة، خصوصاً مع تزايد الضغوط الداخلية وتضارب المصالح داخل الائتلاف.
وبموجب القانون الإسرائيلي، يجب إقرار الموازنة قبل نهاية مارس/ آذار؛ وإلا تُحلّ الحكومة تلقائياً، والدعوة إلى انتخابات جديدة، سيناريو يبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى.
الدفاع أولاً
تشتعل داخل الحكومة معارك مفتوحة بين سموتريتش ووزير الدفاع يسرائيل كاتس حول ميزانية الجيش.
فبينما يرى سموتريتش أن ميزانية الدفاع يجب أن تكون بين 90 و100 مليار شيكل، تطالب وزارة الدفاع بـ 153 مليار شيكل لمواجهة التحديات على الجبهتين الشمالية والجنوبية، وتجهيز البلاد لسيناريوهات تصعيد محتملة مع “حزب الله” وإيران.
وتكشف أرقام المالية أن حرب غزة كلّفت حتى الآن أكثر من 250 مليار شيكل، إضافة إلى تعويضات تجاوزت 9.7 مليارات دولار.
والاستيطان يشعل حرباً ثانية إلى جانب معركة الدفاع، ويبرز ملف الاستيطان كإحدى أعنف نقاط الخلاف داخل الائتلاف.
فالمسودة الجديدة تقترح رفع مخصصاته إلى حدود 9.5 مليار شيكل، بعدما كانت 2.5 مليار شيكل فقط عام 2015؛ ما أثار غضب المعارضة وحتى بعض أعضاء الائتلاف، خاصة أن هذه الزيادات تأتي على حساب التعليم والصحة والبنى المدنية في ظل رفض دولي متنامٍ لسياسات الضمّ.
وترى المعارضة أنّ الحكومة “تبيع مصالح الطبقة الوسطى” وتحوّل الموازنة إلى أداة لخدمة أجندات أيديولوجية، فيما يرد الائتلاف بأنّ الظروف الأمنية تفرض أولويات جديدة.
أزمة قد تطيح بالحكومة
وسط هذه الانقسامات العميقة، يستبعد مراقبون قدرة الحكومة على تمرير الموازنة بحلول يناير/ كانون الثاني 2026، مرجّحين العودة للعمل بموازنة 2025 بشكل مؤقت، عبر صرف 1/12 منها شهرياً حتى مارس/ آذار المقبل.
وفي حال فشل الائتلاف في التوصل إلى تسوية، فإن إسرائيل ستكون على موعد مع انتخابات مبكرة قد تعيد رسم المشهد السياسي بالكامل.







