الاحتلال يمنع جراحا أمريكيا من دخول غزة

السياسي – منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي طبيبا جراحا أمريكيا من دخول قطاع غزة لتقديم العلاج الحيوي لآلاف المرضى والجرحى الفلسطينيين، بالرغم من حصوله على موافقة أولية لدخول القطاع.

وأوضحت صحيفة “هارتس” الإسرائيلية، أن الدكتور فيروز سيدهوا، يعمل كجراح صدمات متطوع في مستشفيات المناطق التي تعاني من النزاع المسلح حول العالم، فيما تبرز خبرته بشكل خاص في غزة حيث تشتد الحاجة إلى هذا النوع من الكفاءات الطبية.

ومنذ أحداث السابع من أكتوبر وبدء العدوان الإسرائيلي، زار سيدهوا القطاع مرتين، وكان من المفترض أن يعود في 12 نوفمبر/تشرين الثاني ضمن وفد طبي أشرفت على ترتيبه منظمة ميدغلوبال الدولية غير الحكومية.

وأفادت الصحيفة بأن المحامي يوتام بن هيلل، الذي يمثل سيدهوا، يجادل بأن رفض دولة الاحتلال دخوله يهدد حياة عدد كبير من الجرحى في القطاع، موضحا أن كثيرا منهم أصيبوا في منطقة البطن وخضعوا لعمليات فغر القولون.
وتقدر أعداد المرضى الذين خضعوا لهذه العملية بعشرات الآلاف، من بينهم آلاف الأطفال، فيما يحتاج هؤلاء خلال مرحلة التعافي إلى جراحة عكسية لاستعادة الوظيفة الطبيعية للأمعاء.

وكان يفترض أن يتولى الدكتور سيدهوا تنفيذ هذه العمليات خلال الأيام القادمة، وأن يعمل في الوقت نفسه على تدريب الطواقم الطبية في مستشفى ناصر جنوب غزة لتمكينهم من إجرائها ذاتيا.

ويشدد على الضرورة العاجلة لتأهيل الكوادر المحلية على إجراء العدد الكبير من العمليات المطلوبة لتعافي المرضى، محذرا من أن التأخير أو وقوع أخطاء أثناء هذه الجراحات قد يقود إلى انسداد في الأمعاء أو التهابات حادة، وقد يصل الأمر إلى الوفاة.
وذكر في تصريح لصحيفة هآرتس: “يعتقد الإسرائيليون أنني إذا ذهبتُ إلى غزة، فأنا أكره الإسرائيليين، هذا غير صحيح على الإطلاق، أنا ذهبت بسبب جرائم حكومتي”.

وبعد عودته من غزة، أجرى مقابلات مع عدد من وسائل الإعلام متحدثا عما شاهده من مأسي داخل مستشفيات القطاع، وكتب مقالات في صحف ومجلات طبية، كما مثُل أمام مجلس الأمن الدولي.

ويرجح مسؤولون إنسانيون دوليون أن هذه الأنشطة قد تكون وراء منعه من الدخول، معتبرين أنّ إسرائيل تسعى لإيصال رسالة إلى الأطباء والعاملين الدوليين المتجهين إلى غزة بضرورة الامتناع عن التحدث علناً عن تجاربهم.

ويؤكد سيدهوا أن التزامه الأخلاقي كطبيب يفرض عليه أن يتحدث باسم المرضى، موضحا: “أعمل في مقاطعة فقيرة جدا في كاليفورنيا، تضم العديد من العائلات المهاجرة، وأتحدث أيضا عن مدى صعوبة أن يرى طفل والديه يقتادان على يد شرطة الهجرة التابعة لترامب”.

ويضيف: “الطبيب ملزم بالتحدث نيابةً عن مرضاه فليس مجرد إجراء الجراحة كافيا، وظيفتي أيضا هي إخبار الناس بما رأيته”.

في الوقت نفسه، يضيف أنه يُولي عناية فائقة لتقاريره. “لا أُحمّل المسؤولية لمن فعل ماذا، بل أصف ببساطة ما رأيته في مرضاي”.

بعد ذلك، قدّم بن هيلل استئنافا إلى مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (COMGAT) اعتراضا على قرار منع دخول سيدهوا، موضحاً في طلبه التزامات إسرائيل بالسماح للأطباء بدخول القطاع.
وكتب: “عملية عكس فغر القولون عملية جراحية معقدة للغاية. للأسف، إذا لم يتمكن موكلي من دخول غزة، فستبقى هذه الحالات الجراحية دون علاج – أو سيتولى إدارتها أشخاص ذوو خبرة أقل”، وقدم المحامي الاستئناف قبل أسبوع ولكن لم يتم الرد عليه حتى الآن.

ونفت وزارة شؤون الشتات، التي تشرف على عمل المنظمات الإنسانية داخل القطاع، أي علاقة لها بالقرار، بينما أفاد مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق بأن جهاز الأمن العام (الشاباك) هو الجهة التي اتخذت هذا الإجراء، في حين لم يرد الشاباك على طلب التعليق.

ولم يقدّم مكتب رئيس وزراء الاحتلال، المسؤول عن جهاز الأمن العام (الشاباك)، أي رد على الأسئلة المتعلقة بما إذا كان الاحتلال يراعي اعتبارات العلاقات العامة عند اتخاذ قرارات تخص السماح بدخول الأطباء والعاملين في المجال الإنساني، كما لم يجب عن سبب تجاهله المتكرر للاستفسارات الصحفية حول هذه القضية.