قراءة تحليلية في خطاب الرئيس الفلسطيني خلال مؤتمر شبيبة فتح

بقلم: محمد العايدي

جاء خطاب الرئيس الفلسطيني في مؤتمر شبيبة فتح في لحظة سياسية فارقة، ليحمل رسائل عميقة تتجاوز حدود المناسبة التنظيمية وتلامس جوهر الأزمة الوطنية والتنظيمية التي تعيشها الساحة الفلسطينية. فالكلمة، رغم هدوئها الظاهر، شكّلت محاولة لإعادة ترتيب الداخل الفتحاوي، وتجديد حضور الحركة، وتعزيز دور الشباب في صناعة المستقبل.

أولًا: خطاب لاستعادة مركز القيادة وترميم الشرعية التنظيمية
لم يكن حديث الرئيس عن “الثقة الكبيرة بالشباب” مجرد جملة بروتوكولية، بل جاء كإشارة واضحة إلى أن فتح تقف أمام مرحلة إعادة بناء حقيقية. لقد مرّت الحركة بسنوات من الإرهاق التنظيمي وتراجع التواصل بين القيادة والكوادر الشابة، ما خلق فجوة لا يمكن تجاهلها.
ومن هنا، فإن التأكيد على الشباب بوصفهم “أمل المستقبل” هو رسالة لإعادة فتح بوابات التأثير داخل الحركة، وتجديد الشرعية من القاعدة إلى القمة، وإعادة ربط الإرادة السياسية بالطاقة الشابة القادرة على تجديد الدماء في مؤسسات الحركة.

ثانيًا: رسالة سياسية للخصوم — الشرعية ما زالت هنا
أراد الخطاب أن يؤكد أن فتح لا تزال الممثل المركزي للمشروع الوطني، وأن محاولات التشكيك بدورها أو تهميشها لن تغيّر من حقيقتها التاريخية. فالحديث عن المؤتمر بوصفه “محطة وطنية مهمة” هو رسالة موجهة لكل من يحاول تصوير الحركة بأنها فقدت زمام المبادرة أو تراجعت أمام القوى الأخرى.

ثالثًا: إعادة تثبيت الرواية الوطنية
استعاد الرئيس في كلمته ثوابت الرواية الوطنية التي حملتها فتح عبر تاريخها، في محاولة لتكريس دور الحركة بوصفها الحاضنة الأوسع للمشروع الوطني. هذه الاستعادة ليست شكلية، بل تعبير عن محاولة فرض سردية سياسية جديدة تعيد فتح إلى موقع القيادة بعد سنوات من الإرباك والانقسام.

رابعًا: الشباب كقوة دفع داخل الحركة
لم يتعامل الخطاب مع الشباب كعنصر تعبوي، بل كقوة قادرة على إعادة تشكيل التوازن الداخلي. الرسالة واضحة: استمرار فتح مرتبط بقدرة الشباب على صناعة التغيير من داخل الحركة، وتحويل حماسهم إلى قوة تنظيمية قادرة على خلق واقع جديد أكثر اتزانًا وفاعلية.

خامسًا: البعد الدولي — صورة جديدة أمام العالم
يريد الخطاب أيضًا أن يقدّم للعالم صورة مفادها أن فتح تعمل على تجديد ذاتها وأن لديها جيلًا جديدًا قادرًا على تحمل مسؤوليات المرحلة المقبلة. هذه الرسالة ضرورية في ظل تراجع الاهتمام الدولي، وفي ظل الحاجة إلى الحفاظ على حضور سياسي يعكس قوة الحركة وعمقها الشعبي.

سادسًا: الامتحان الحقيقي — التنفيذ
يبقى السؤال الجوهري: هل ستُترجم هذه الرسائل إلى خطوات عملية؟
إن تمكين الشباب، وإعادة بناء الهياكل التنظيمية، وتقليص الفجوة بين القيادة وقواعدها، هي مفاتيح نجاح المرحلة المقبلة. فالمؤتمر لن يكون محطة تاريخية إلا إذا تلاه فعلٌ تنظيمي ملموس يعيد للحركة توازنها ودورها الريادي.
فلا يمكن النظر إلى خطاب الرئيس في مؤتمر شبيبة فتح باعتباره مجرد كلمة في مناسبة سنوية، بل هو محاولة واضحة لإعادة تشكيل المشهد الداخلي للحركة وتثبيت دور الشباب في قلب المعادلة. وإذا ما نجحت فتح في تحويل هذه الرسائل إلى برنامج عمل فعلي، فقد يشكّل هذا المؤتمر بداية مرحلة جديدة تُعيد للحركة حضورها التاريخي وقدرتها على قيادة المشروع الوطني الفلسطيني نحو الحريه والاستقلال واقامه الدوله الفلسطينيه بعاصمتها القدس الشريف