السياسي –
هناك أمل جديد لمن فقدوا حاسة الشم، فقد اختبر العلماء بنجاح جهازاً متطوراً يمكّن الناس من اكتشاف وجود روائح معينة.
ويساعد هذا النظام المبتكر على استعادة حاسة الشم من خلال ترجمة الروائح إلى مشاعر (مثل اللمس) داخل الأنف.
وفقدان حاسة الشم (أو نقصه) مشكلة رئيسية تؤثر على حوالي 20% من سكان العالم.
وتتنوع أسباب المشكلة، ومنها مثلاً العدوى، أو الأدوية، أو الإصابات، وقد يكون فقدان هذه الحاسة دائماً أو مؤقتاً.
غياب الأجهزة التعويضية
وعلى عكس فقدان السمع أو ضعف البصر، حيث تتوفر زراعة القوقعة أو الأطراف الاصطناعية، لا توجد زراعة أو أجهزة توفر استعادة حاسة الشم.
وبحسب “مديكال إكسبريس”، يمثل هذا البحث الجديد الذي أعده فريق من مركز ليون لأبحاث علوم الأعصاب في فرنسا وجامعة دريسدن في ألمانيا، خطوةً حيويةً نحو تطوير حل عملي لأكثر من مليار شخص.

كيف يعمل؟
وصف الفريق المطوّر للجهاز عمله في ورقة بحثية نُشرت في مجلة “ساينس أدفانسز” بأنه نظام يلتقط الروائح باستخدام أنف اصطناعي (أنف إلكتروني) ويُترجم تلك المعلومات الكيميائية إلى رمز رقمي محدد.
ويمرَّر هذا الرمز بعد ذلك عبر محفِّز كهربائي أنفي (مشبك مغناطيسي صغير) يوضع على الحاجز الأنفي، وهو الجدار الفاصل بين فتحتي الأنف، لتحفيز العصب الثلاثي التوائم.
وبمجرد تحفيزه بنبضة كهربائية، يدرك الأفراد الرمز كإحساس مميز. إنهم لا يشمون في الواقع، بل يتعلم دماغهم ربط هذا الشعور الفريد برائحة محددة ليتمكنوا من التمييز بين الروائح المختلفة.
الاستبدال الحسي
ويسمى مفهوم هذه التقنية “الاستبدال الحسي”، حيث تنقل إحدى الحواسّ الوظيفية المعلومات من حاسة معيبة.
ويحتوي التجويف الأنفي على نظامين حسيين: النظام الشمي للشم، ونظام العصب الثلاثي التوائم لدرجة الحرارة واللمس والتهيج.
في هذا البحث، يوظِّف الجهاز الجديد العصب الثلاثي التوائم لتوصيل معلومات لم يعد العصب الشمي قادراً على نقلها.
وقال الباحثون: “لا يسمح هذا النهج الاستبدالي للمرضى بشم الروائح الحقيقية، بل هو حل استبدالي أولي حقيقي يمكننا تخيُّل تقديمه للمرضى في المستقبل”.

نجاح التجربة
واختبر الفريق ابتكارهم على 65 شخصاً (13 منهم يتمتعون بحاسة شم طبيعية و52 يعانون من فقدان حاسة الشم) عبر 4 تجارب.
وتمكن الجميع من اكتشاف جزيئات الرائحة، واستطاع معظمهم التمييز بين رائحتين مختلفتين.
كما نجح الجهاز مع مرضى يعانون من فقدان حاسة الشم تماماً، ونجح أيضاً مع الأصحاء، ما يعني أن الجهاز الثلاثي التوائم مسار موثوق به لنقل الإشارات المشفرة للجميع.
ولا يزال العمل في مراحله الأولى. ومن بين الخطوات التالية للباحثين زيادة عدد الروائح وأنماط التحفيز المختبرة، وتحويل النموذج الأولي المختبري إلى جهاز مصغّر قابل للارتداء للاستخدام اليومي.





