المصدر: يديعوت احرنوت
نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تحقيقًا موسعًا عن حرب الأيام الـ12، كشف تفاصيل جديدة عن اللحظات التي سبقت ضربة الافتتاح القاتلة. التقارير المفبركة عن حدوث شرخ بين نتنياهو وترامب، الاقتراح السري الذي قدمه الرئيس الأميركي لطهران في ذروة المعركة، السلاح الخاص ونحو 100 عميل إيراني كانوا بانتظار الأوامر: هكذا أخّرت إسرائيل البرنامج النووي، لكنها لم تقضِ على «مخزون المعرفة البشرية».
بينما كانت المفاوضات بشأن اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران تتواصل ظاهريًا، كانت إسرائيل تُنهي خلف الكواليس استعداداتها لإحدى أكثر العمليات السرّية تعقيدًا في تاريخها: عملاء على الأراضي الإيرانية، طيارون في حالة استعداد، أسلحة متطورة وأهداف محددة في قلب طهران. ولم يكن الهدف يقتصر على منشآت أو صواريخ أو أنظمة دفاع فحسب، بل شمل أيضًا الأشخاص الذين يقفون خلف المعرفة.
نشرت صحيفة «واشنطن بوست»، بالتعاون مع برنامج التحقيقات «فرونتلاين» (Frontline) التابع لشبكة PBS الأميركية، تقريرًا موسعًا حول ما يُسمّى «حرب الأيام الاثني عشر» — الهجوم غير المسبوق الذي شنّته إسرائيل على إيران بهدف ضرب قلب برنامجها النووي، وكذلك مخزون العقول الذي يُبقيه قائمًا.
وكشف التحقيق تفاصيل جديدة عن الضربات، والتخطيط الذي يقف وراءها، وتأثيرها على إيران. واستند إلى مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين وإيرانيين وعرب وأميركيين، حاليين وسابقين، تحدث بعضهم للمراسلين للمرة الأولى وبصورة مجهولة، لوصف العمليات والتقديرات السرّية.
«فتوى» خامنئي — ضد السلاح النووي
وبحسب التحقيق، اتفقت إسرائيل والولايات المتحدة، في ظل إدارتي جو بايدن ودونالد ترامب، على أن إيران تعمل على تطوير سلاح نووي، إلا أن تقديرات أجهزتهما الاستخبارية اختلفت أحيانًا بشأن ما كان يفعله العلماء الإيرانيون وما دلالة ذلك.
ومنذ عام 2023، جمعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) معلومات استخبارية تفيد بأن باحثين يعملون في وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية تُعرف باسم SPND يدرسون سبل إنتاج سلاح نووي بسرعة أكبر — في حال قرر المرشد الأعلى علي خامنئي إلغاء أمره الديني الصادر عام 2003، المعروف باسم «الفتوى»، الذي يحرّم السلاح النووي.
قدّرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) أن الإيرانيين أجروا أبحاثًا حول قنبلة نووية بدائية، من النوع الذي قد يستغرق نحو ستة أشهر لإنتاجه باستخدام مخزونات اليورانيوم المخصّب المتوافرة لديهم. ولم يكن بالإمكان اختبار هذه القنبلة البدائية مسبقًا، كما لم يكن ممكنًا إطلاقها عن بُعد بواسطة صاروخ باليستي، إلا أنه كان معلومًا أنها ستكون مُدمِّرة على أي حال إذا جرى بناؤها واستخدامها.
يبدو أن الإيرانيين بحثوا أيضًا في قنبلة هيدروجينية، وهي نوع أكثر تطورًا وقوة من القنبلة النووية. وقد اتفق محللو الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية على أن مثل هذه القنبلة، رغم أنها مقلِقة، إلا أنها تتجاوز قدرات إيران في الوقت الحالي.
بدأت إيران بإنتاج اليورانيوم المخصّب بشكل أكبر بعد أن انسحب الرئيس دونالد ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي الذي كان يقيّد نشاطها النووي. ولم تكن لا وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) ولا الموساد يعتقدان أن إيران بدأت فعليًا في بناء قنبلة نووية، لكن حتى ربيع 2025 لم يكن المحللون الإسرائيليون متأكدين مما إذا كان علي خامنئي سيعلن علنًا إلغاء «الفتوى» الخاصة به، أو ما إذا كان بإمكانهم رصد إيران في الوقت المناسب وهي تُركّب سلاحًا من هذا النوع.
وفي 12 حزيران/يونيو، عشية عملية «شعب كالأسد»، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) أن طهران تنتهك التزاماتها المتعلقة بعدم انتشار الأسلحة النووية — وهو أول توبيخ من نوعه منذ 20 عامًا.
الخدع التي سبقت العملية: «كل التقارير لم تكن صحيحة»
وبحسب مصدر مطّلع على التفاصيل، عندما زار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرئيس ترامب في البيت الأبيض في بداية ولايته الثانية — وكان أول زعيم أجنبي يقوم بذلك — عرض أمامه أربع سيناريوهات محتملة لتطوّر الهجوم على إيران.
أولًا، عرض نتنياهو على ترامب كيف سيبدو العمل العسكري إذا هاجمت إسرائيل وحدها.
الاحتمال الثاني كان أن تتولى إسرائيل القيادة مع دعم أميركي محدود،
أما الثالث فكان تعاونًا كاملًا بين الحليفين،
والخيار الأخير كان أن تتولى الولايات المتحدة قيادة العملية.
بدأت أشهر من التخطيط الاستراتيجي المكثّف والسرّي. أراد ترامب منح الدبلوماسية النووية مع إيران فرصة، لكن وفقًا لمصدرين مطّلعين على الموضوع، واصل في الوقت نفسه تبادل المعلومات الاستخبارية والتخطيط العملياتي مع إسرائيل. وقال أحدهما: «كانت الفكرة أنه إذا فشلت المحادثات، نكون جاهزين للتحرّك».
في إسرائيل اعتقدوا أن منح فرصة للدبلوماسية مهمّ لكسب الرأي العام العالمي إذا تقرّر في النهاية مهاجمة إيران، لكنهم خافوا أيضًا من أن يوافق ترامب، الذي كان «متحمّسًا للتوصّل إلى صفقة»، على اتفاق سيّئ. وفي منتصف نيسان/أبريل، منح ترامب إيران 60 يومًا للموافقة على اتفاق نووي. وانتهت المهلة يوم الخميس 12 حزيران/يونيو — ليلة انطلاق العملية. ونفّذ ترامب ونتنياهو مناورات وخدعًا لمنع الإيرانيين من الاستعداد لما سيأتي.
في ذلك اليوم، قال ترامب للصحفيين إن هجومًا إسرائيليًا على إيران «قد يحدث بالفعل»، لكنه أشار إلى أنه يفضّل حلًا عبر المفاوضات. وسرّب مسؤولون إسرائيليون خبرًا مفاده أن الوزير رون ديرمر، المستشار المقرّب من نتنياهو، ورئيس الموساد دافيد (ديدي) برنيع، سيلتقيان قريبًا بالمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف. كما حُدّد جولة جديدة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران ليوم الأحد 15 حزيران/يونيو.
قرّرت إسرائيل الهجوم، وكانت الولايات المتحدة على علمٍ تام بذلك. كانت الدبلوماسية المخطّط لها خدعة، وشجّع مسؤولون من البلدين تقارير إعلامية عن شرخٍ مزعوم بين واشنطن وتل أبيب. وقال مصدر مطّلع: «كل التقارير التي كُتبت عن أن بيبي لم يكن على وفاق مع ويتكوف أو أن ترامب لم يكن منسجمًا معه لم تكن صحيحة. لكن كان من الجيد أن يسود هذا الانطباع، لأنه ساعد على مواصلة التخطيط من دون أن ينتبه كثيرون».
وحتى بعد بدء حملة القصف والاغتيالات الإسرائيلية، نفّذت إدارة ترامب «دفعة دبلوماسية» أخيرة، ونقلت سرًّا اقتراحًا إلى إيران لحلّ حالة الجمود حول برنامجها النووي. وما لم تكن إيران تعلمه هو أن هذا الاقتراح كان فرصتها الأخيرة قبل أن يوافق ترامب على انضمام الولايات المتحدة إلى الحملة.
شروط الصفقة، التي وصلت إلى صحيفة «واشنطن بوست» ولم يُكشف عنها سابقًا، كانت طموحة، وشملت وقف دعم طهران لأذرعها مثل حزب الله وحماس، وكذلك «استبدال» منشأة التخصيب في فوردو و*«أي منشأة عاملة أخرى»* بمنشآت بديلة لا تتيح التخصيب. وفي المقابل، تتعهد الولايات المتحدة برفع «جميع العقوبات المفروضة على إيران»، وفق ما ورد في الاقتراح المؤرخ 15 حزيران/يونيو. وبعد وقت قصير من نقل الولايات المتحدة الاقتراح إلى إيران عبر دبلوماسيين قطريين، رفضته طهران — وعلى إثر ذلك صادق ترامب على الضربات الأميركية، بحسب دبلوماسي رفيع كان منخرطًا في العملية.
تصفية «مخزون المعرفة البشرية»
كانت الاستعدادات للحرب شارفت على الاكتمال: عشرات العملاء المدرَّبين الذين يعملون لصالح إسرائيل كانوا على الأرض في إيران، مسلّحين بأسلحة جديدة ومتطورة، فيما كان طيارو سلاح الجو الإسرائيلي في حالة تأهّب بانتظار الأوامر لمهاجمة البنية التحتية النووية الإيرانية، ومنصّات إطلاق الصواريخ الباليستية وأنظمة الدفاع الجوي. وتوصّلت إسرائيل والولايات المتحدة إلى تفاهم تقريبي بشأن مدى قرب طهران من امتلاك سلاح نووي، بينما كانت مناورات دبلوماسية جارية لإعماء إيران عن الهجوم الوشيك.
لكن مسؤولين أمنيين إسرائيليين كانوا يدركون أنه، لإلحاق ضرر يتجاوز الأثر المؤقت بالبرنامج النووي الإيراني المتنامي، لا بدّ أيضًا من تدمير مخزون المعرفة البشرية — أي جيل من المهندسين والفيزيائيين الإيرانيين الذين كانت أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية تعتقد أنهم يعملون على «الفنون المظلمة» لتحويل مواد نووية انشطارية إلى قنبلة نووية.
قرابة الساعة 3:21 فجرًا من يوم 13 حزيران/يونيو، وفي الدقائق الافتتاحية من «حرب الأيام الاثني عشر» بين إسرائيل وإيران، بدأ سلاح الجو بمهاجمة مبانٍ ومنازل في طهران. وانطلقت «عملية نارنيا» ضد أبرز علماء النووي الإيرانيين. وخلال العملية، أعدّ عناصر الاستخبارات الإسرائيلية قائمة تضم 100 من أهم علماء النووي في إيران، ثم قلّصوا قائمة الأهداف إلى نحو 12 شخصًا. وبنوا ملفات مفصّلة عن نشاط كل واحد منهم، وتحركاته ومنازله — استنادًا إلى عقود من أعمال التجسس.
قُتل محمد مهدي طهرانجي، وهو فيزيائي وخبير في المتفجرات كان خاضعًا لعقوبات أميركية بسبب عمله في مجال السلاح النووي، داخل شقته في الطابق السادس في طهران، في مبنى يُعرف باسم «مجمع الأساتذة». وبعد نحو ساعتين، قُتل فريدون عبّاسي، الفيزيائي النووي الذي ترأس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وكان خاضعًا لعقوبات الولايات المتحدة والأمم المتحدة، في هجوم آخر في طهران. وبالمجمل، اغتالت إسرائيل 11 عالمًا نوويًا إيرانيًا بارزًا في 13 حزيران/يونيو وفي الأيام التي تلته.
وقال أمير طهرانجي، شقيق الفيزيائي الراحل محمد مهدي طهرانجي، لبرنامج «فرونتلاين» (Frontline) إن عمل شقيقه محمد سيستمر. وأضاف: «مع تصفية هؤلاء الأساتذة، قد يختفون، لكن معرفتهم لم تُفقد من بلادنا».
السلاح الخاص والعملاء النائمون
في عملية «شعب كالأسد»، دمّرت مقاتلات وطائرات مسيّرة إسرائيلية، إلى جانب عملاء داخل إيران، أكثر من نصف منصّات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية وما تبقّى من منظومات الدفاع الجوي لديها. كما قُتل قادة القيادة العسكرية الإيرانية وقادة في الحرس الثوري. وقصفت المقاتلات الإسرائيلية محطات كهرباء وأنظمة تهوية كانت إيران بحاجة إليها لتشغيل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو، وهما موقَعا التخصيب الرئيسيان في البلاد. وتلت ذلك ضربات مكثفة نفذتها قاذفات الشبح الأميركية B-2 سبيريت ووابل من صواريخ كروز توماهوك.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع شارك مباشرة في العملية: «داخل إيران، جنّد الموساد الإسرائيلي أكثر من 100 عميل إيراني، وزوّد بعضهم بسلاح خاص مكوَّن من ثلاثة أجزاء لتنفيذ ضربات دقيقة ضد أصول عسكرية». وأضاف: «تمكّنت السلطات الإيرانية من إنقاذ بعض المنصّات، لكن ليس الصواريخ ولا المكوّن الثالث السري».
تلقّت فرق العملاء الإيرانيين تدريبات في إسرائيل وفي أماكن أخرى. ولم يُبلَّغوا سوى بطبيعة مهمّتهم، دون كشف النطاق الكامل للعملية التي كانت إسرائيل تُعدّ لها. وقال المصدر الأمني: «كانت هذه عملية غير مسبوقة في التاريخ. جنّدنا أصولنا وعملاءنا للاقتراب من طهران وبدء العملية البرّية قبل أن يتمكّن سلاح الجو الإسرائيلي من دخول المجال الجوي الإيراني».
«مقتل 276 مدنيًا إيرانيًا»
لم تكن العملية مثالية. فقد تمكّنت صحيفة «واشنطن بوست» وشركة Bellingcat، وهي منظمة تحقيقات دولية مستقلة متخصّصة في استخبارات المصادر المفتوحة، من التحقّق بشكل مستقل من إصابة 71 مدنيًا إيرانيًا في خمس ضربات استهدفت علماء نوويين، وذلك بالاستناد إلى صور أقمار صناعية، وتحديد المواقع الجغرافية في مقاطع فيديو، وإعلانات وفيات، وسجلات مقابر، وتغطية إعلامية إيرانية لجنائزهم.
وأكدت «واشنطن بوست» وBellingcat أن 10 مدنيين، بينهم رضيع عمره شهران، قُتلوا في الهجوم على «مجمع الأساتذة» في حي سعادت آباد بطهران. وتشير الشهادات ومقاطع الفيديو وصور الانفجار والأضرار التي لحقت بالمبنى إلى أن قوة الضربة كانت مماثلة تقريبًا لقنبلة تزن نحو 225 كيلوغرامًا.
وحاولت إسرائيل اغتيال عالِمٍ آخر في الضربة الافتتاحية، هو محمد رضا صديقي صابر، لكنه كان في ذلك الوقت في منزله بطهران — وقُتل ابنه البالغ 17 عامًا. وفي اليوم الأخير من الحرب، في 24 حزيران/يونيو، قُتل صابر الأب في منزل أحد أقاربه في محافظة جيلان، على بُعد نحو 320 كيلومترًا من طهران. وقال أحد السكان هناك لصحيفة «واشنطن بوست» إن صابر عاد إلى منزل عائلته لإقامة مراسم العزاء على ابنه، وقُتل مع أقارب آخرين. وأكدت الصحيفة أن 15 مدنيًا قُتلوا في تلك الضربة، من بينهم أربعة قُصَّر. كما دُمِّرت مبنيان سكنيان، وخلّفا حُفَرًا في المكان الذي كانا قائمين فيه.
قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إنهم فعلوا كل ما بوسعهم للحدّ من إصابة المدنيين. وقال ضابط رفيع في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: «أحد الاعتبارات الرئيسية في التخطيط لعملية نارنيا كان محاولة تقليص الأضرار الجانبية إلى الحدّ الأدنى الممكن».
وفي تموز/يوليو الماضي، قال متحدث باسم الحكومة الإيرانية إن 1,062 شخصًا قُتلوا في الضربات الإسرائيلية خلال حرب الأيام الاثني عشر، من بينهم 276 مدنيًا.
فما حجم الضرر فعلًا؟
تقول إسرائيل والولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) إن العملية الإسرائيلية أخّرت البرنامج النووي الإيراني لسنوات، لكن ذلك لا يرقى إلى ادعاء الرئيس دونالد ترامب بأن البرنامج «دُمّر بالكامل».
ويؤكد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون ومسؤولو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الضرر الذي لحق بالبرنامج النووي الإيراني، رغم أنه غير مكتمل، كان كبيرًا، إذ أعاده إلى الوراء عدة سنوات، ومن المرجّح أنه أنهى مؤقتًا قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم القابل للاستخدام في إنتاج سلاح نووي.
وبحسب تقييم أجراه معهد العلوم والأمن الدولي في تشرين الثاني/نوفمبر، واستند جزئيًا إلى صور أقمار صناعية، فإن «إجمالًا، كان الضرر الذي تسببت به الضربات الجوية لمواقع نووية عديدة واسع النطاق، وفي كثير من الحالات كارثيًا».
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن البرنامج الإيراني «تعرّض لانتكاسة كبيرة»؛ إذ دُمّر موقع التخصيب في نطنز، ومُسحت أجزاء من مجمّع الأبحاث النووية في أصفهان، كما تعرّض موقع فوردو، المدفون عميقًا تحت الأرض، لأضرار جسيمة.
وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، لبرنامج «فرونتلاين» إن الضرر «كبير جدًا». وأضاف أن إيران تحتفظ بمخزون يقارب 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، أي خطوة واحدة من نسبة 90% اللازمة لإنتاج سلاح نووي. وذكر أن هذا المخزون «لا يزال في الغالب في المواقع نفسها» في أصفهان وفوردو ونطنز.
وليس من الواضح ما إذا كانت إيران تملك إمكانية الوصول إلى هذه المواد، إذ مُنع مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المواقع الرئيسية منذ الضربات. وقال غروسي: «من دون وصولٍ ميداني إلى المكان، تبقى أيّ تقديرات جزئية».
أفادت صحيفة «واشنطن بوست» في أيلول/سبتمبر أنه منذ انتهاء «حرب الأيام الاثني عشر»، كثّفت إيران أعمال البناء في موقعٍ تحت أرضي غامض جنوب نطنز، يُعرف باسم «Pickaxe Mountain» (أي «جبل المعول» ترجمةً حرّة). وقال مسؤولون إسرائيليون ومحللون أميركيون للصحيفة إن إيران تحاول أيضًا إعادة بناء مخزونها من الصواريخ الباليستية بمساعدة الصين. ومن جانبه، هدّد ترامب بتوجيه ضربة عسكرية إذا عادت إيران إلى تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية.
ثمة أمر واحد مؤكد: الضربات الواسعة التي شنّتها إسرائيل والولايات المتحدة على البرنامج النووي الإيراني هزّت الشرق الأوسط، وأثارت وعودًا إيرانية بالانتقام، وألغت — في الوقت الراهن — إمكانية التوصل إلى اتفاق دبلوماسي يقيّد النشاط النووي لطهران ويضعه تحت رقابة دولية مشددة.
غير أن علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لا يبدو متأثرًا كثيرًا بذلك. ففي مقابلة مع «فرونتلاين» — هي الأولى له مع وسيلة إعلام أجنبية منذ حرب حزيران/يونيو — قال إن «البرنامج النووي الإيراني لن يُدمَّر أبدًا، لأنه ما إن تُكتشف التكنولوجيا، لا يمكن سحب هذه المعرفة أو استعادتها».






