السياسي – كشف تقرير نشره موقع “ذي إنترسبت” للصحفيين أكيلا لاسي وجوناه فالديز، عن تحركات سرية تقودها لجنة الشؤون العامة الأمريكية–الإسرائيلية (أيباك)، للتأثير في السباق الانتخابي لخلافة النائبة الديمقراطية المخضرمة جان شاكوفسكي في الدائرة التاسعة بولاية إلينوي، رغم إعلان المنظمة رسميا أنها لا تدعم أي مرشح في هذه الجولة.
وبحسب التقرير، فإن أيباك، التي تعد من أقوى جماعات الضغط المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي في الولايات المتحدة، تجمع التبرعات بشكل غير معلن لصالح عضوة مجلس شيوخ ولاية إلينوي لورا فاين، رغم نفي الأخيرة سعيها للحصول على تأييد المنظمة أو ارتباطها بها.
-حفل مغلق ومنع الصحافة
وأشار التقرير إلى أن رئيس مجلس إدارة أيباك، مايكل توشين، استضاف الاثنين الماضي حفلا خاصا لجمع التبرعات لصالح فاين، داخل مكتبه القانوني في مدينة لوس أنجلوس. وخلال الفعالية، منع مراسل موقع “إنترسبت” من دخول ردهة المبنى.
ونقل التقرير عن حارس أمن المبنى قوله، ناقلا رسالة من منظمي الحفل: “لا ينبغي أن يكون موقع إنترسبت هنا على الإطلاق”.
ورغم ذلك، أكد ثلاثة أشخاص دخلوا المبنى الشاهق في حي سنتشري سيتي أنهم حضروا فعلا حملة جمع التبرعات لفاين. وقالت إحدى الحاضرات، وكانت ترتدي دبوسا يحمل العلمين الأمريكي والإسرائيلي متجاورين، إنها شاركت في الفعالية، قبل أن يقوم أمن المبنى باقتيادها فور سؤالها عن أسباب دعمها للمرشحة.
-نفوذ أيباك في زمن الغضب الشعبي
ويضع التقرير هذه التحركات في سياق أوسع، مشيرا إلى أنه بعد سنوات من النفوذ شبه المطلق على المسؤولين الأمريكيين المنتخبين، تسعى أيباك إلى توسيع حضورها خلف الكواليس خلال هذه الدورة الانتخابية النصفية، في وقت يواجه فيه اللوبي المؤيد للاحتلال الإسرائيلي غضبا شعبيا متصاعدا بسبب الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة.
ومع تنامي عدد المرشحين التقدميين الذين يتخذون مواقف معارضة صريحة للسياسات الإسرائيلية ولنفوذ جماعات الضغط، تعمل أيباك، إلى جانب منظمات أخرى مؤيدة للاحتلال٬ على إعادة تشكيل الكونغرس المقبل بما يضمن استمرار التحالف الدبلوماسي الأمريكي–الإسرائيلي وتدفق شحنات الأسلحة دون قيود.
-فراغ سياسي وفرصة ذهبية
وفي اليوم الذي أعلنت فيه فاين ترشحها للانتخابات في أيار/مايو الماضي، أفاد موقع “جويش إنسايدر” بأنها التقت بعدد من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، من بينها أيباك ومنظمة “الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل”.
ويشير التقرير إلى أن تقاعد النائبة جان شاكوفسكي، التي شغلت مقعدها لأربعة عشر دورة متتالية، فتح الباب أمام جماعات الضغط لاستبدالها بمرشحة تعد أكثر تشددا في دعم الاحتلال الإسرائيلي، علما بأن شاكوفسكي لم تحظ بدعم أيباك خلال مسيرتها السياسية، بينما تلقت دعما من منظمة “جيه ستريت” ذات التوجه الوسطي.
-صمت رسمي ومنافسة محتدمة
ولم تستجب حملة فاين، ولا لجنة أيباك، ولا مايكل توشين، لطلبات التعليق التي وجهها موقع “إنترسبت”.
وتخوض فاين الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي وسط منافسة قوية تضم: كات أبوغزالة، الناشطة الفلسطينية الأمريكية، التي جعلت معارضتها لإنفاق أيباك والإبادة الجماعية في غزة محورا أساسيا لحملتها. ودانيال بيس، رئيس بلدية إيفانستون الحالي. وبشرى أميوالا، عضوة مجلس إدارة مدرسة محلية وناشطة مجتمعية.
وبحسب بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية، تصدرت أبوغزالة وبيس جمع التبرعات حتى أيلول/سبتمبر الماضي، حيث جمعا 1.5 مليون دولار و1.3 مليون دولار على التوالي، فيما جمعت أميوالا 642 ألف دولار.
في المقابل، جمعت فاين ما يزيد قليلا عن 660 ألف دولار حتى الموعد ذاته، نصفها تقريبا من نحو 300 متبرع، أفادت تقارير محلية بأن أيباك وجهتهم لدعم حملتها.
-رسائل إلكترونية وتمويل غير مباشر
وذكرت صحيفة “إيفانستون ناو” المحلية أن أيباك أرسلت رسالتين إلكترونيتين على الأقل لجمع التبرعات، حثت فيهما شبكتها على دعم فاين، قبل أن يضخ متبرعو المنظمة أكثر من 300 ألف دولار في حملتها.
ويؤكد التقرير أن هذه ليست المرة الأولى التي تعتمد فيها أيباك هذا الأسلوب خلال الدورة الانتخابية الحالية، مشيرا إلى حالة مماثلة في الدائرة السابعة بولاية إلينوي، حيث يتقاعد النائب الديمقراطي داني ديفيس، بينما يتلقى مرشح آخر تمويلا من متبرعي أيباك دون إعلان رسمي عن تأييده.
-نفي علني ووقائع مالية
وعند سؤالها سابقا عن لقائها مع أيباك، قللت فاين من أهمية الأمر، وقالت في تصريح لصحيفة جامعة لويولا “فينيكس” في تشرين الأول/أكتوبر إنها لا تسعى للحصول على تأييد المنظمة.
وجاء في بيان لحملتها الانتخابية آنذاك: “لم تتلق السيناتور فاين، ولا تسعى للحصول على تأييد من جيه ستريت أو أيباك أو أي منظمة يهودية أخرى… وأولويتها تمثيل جميع ناخبي دائرتها والتصدي لمعاداة السامية أينما وجدت”.
-شبكات ضغط عابرة للأطلسي
وسلط التقرير الضوء على قنوات تمويل أخرى، من بينها استخدام صناديق التبرعات الموصى بها التي تسمح للمتبرعين بتقديم أموال معفاة من الضرائب مع إمكانية إخفاء هوياتهم، رغم القيود المفروضة قانونا على استخدامها في الضغط السياسي.
وأوضحت بيلا ديفان، المديرة المساعدة لمبادرة إصلاح المؤسسات الخيرية في معهد الدراسات السياسية، أن هناك “طرقا عديدة للالتفاف على هذا الحظر”.
كما أشار التقرير إلى تحويل مؤسسات أمريكية وأوروبية أموالا إلى شبكة “إيلنت”، وهي منظمة ضغط تنشط في أوروبا لصالح إسرائيل، دون رد من الشبكة على طلبات التعليق.
-إيلنت والضغط داخل أوروبا
ويأتي ذلك في وقت يتظاهر فيه آلاف الأوروبيين أسبوعيا للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة. وقالت النائبة الأيرلندية بويلان لموقع “إنترسبت” إن مخاوف هؤلاء المتظاهرين “يتم تجاهلها لصالح منظمات أُنشئت خصيصا للدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي بأي ثمن”.
وبحسب التقرير، كثفت “إيلنت” نشاطها منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ونظمت عروضا وثائقية داخل البرلمانات الأوروبية، ورتبت لقاءات مع عائلات الأسرى الإسرائيليين، ونظمت رحلات ميدانية لمئات صناع القرار الأوروبيين إلى إسرائيل.
وأثار صحفيون ونشطاء تساؤلات حول حجم الدعم الذي تلقته “إيلنت” من الحكومة الإسرائيلية، بعد تقارير أفادت بأن تل أبيب موّلت فعالية ضغط داخل البرلمان الفرنسي الشهر الماضي.
وتختم النائبة بويلان بالقول إن السماح لمنظمة يقودها مسؤولون سابقون في الجيش الإسرائيلي بالمشاركة في صياغة سياسة الاتحاد الأوروبي “أمر مقلق”، مؤكدة أنها ستتابع القضية مع المفوضية الأوروبية.





