كيف تفكّر إسرائيل؟
بناءً على التصريحات السياسية المتداولة، ووفق قراءتي للعقلين السياسي والأمني الإسرائيليين، لا أعتقد أن إسرائيل ستعود إلى حرب شاملة أو واسعة النطاق على لبنان في المرحلة القريبة. أرجّح أن التهديدات الإسرائيلية المتكررة تُستخدم كأداة ضغط سياسي، هدفها الأساسي فرض شروط معينة على الدولة اللبنانية، ودفعها نحو التفاوض وعقد اتفاق سياسي–أمني مع إسرائيل.
في هذا السياق، من غير المرجّح أن تنسحب إسرائيل من المنطقة العازلة التي احتلتها في جنوب لبنان، بل تسعى إلى تثبيت واقع أمني جديد يخدم مصالحها الاستراتيجية.
ثانيًا، يبدو أن إسرائيل ستدعم – بشكل مباشر أو غير مباشر – الحكومة اللبنانية في مسار يهدف إلى إنهاء وجود حزب الله عسكريًا، عبر استهداف ما تبقّى من مواقعه، بما يفرض عليه لاحقًا تسليم سلاحه تحت عنوان حماية الأمن القومي اللبناني وإعادة بسط سيادة الدولة.
إن أي ضربات إسرائيلية محدودة للبنان، وفق هذا المنطق، لا تُقرأ فقط كعمل عسكري، بل كأداة لإعادة تشكيل المشهد السياسي اللبناني بما يتلاءم مع الأهداف الإسرائيلية في محيطها الإقليمي. ويُفهم ذلك كمرحلة أولى نحو سلام سياسي–أمني، قد يتطور لاحقًا إلى سلام أوسع يفتح المجال أمام استفادة إسرائيل الاقتصادية من لبنان، على غرار النموذج الأردني. هذا المسار يحتاج إلى وقت، لكنه قد لا يكون طويل الأمد.
في هذا الإطار، يُنظر إلى استهداف مواقع حزب الله كتكتيك مرحلي يمهّد لاتفاق أشمل، يهدف إلى إنهاء دور الحزب، ومعه الإسلام السياسي ، بشكل كامل.
ولا بد من الإشارة إلى أن أي ترتيبات مقبلة تتعلق بلبنان قد تشمل أيضًا ملف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك مسألة سلاحها، في إطار إعادة رسم المشهد الأمني والسياسي بشكل يتلائم مع رؤية اسرائيل للدول المحيطة بها وللشرق الاوسط بشكل عام .







