مبادرة خالد مشعل: الهدنة والسلاح… تلبي خطة ترامب و«إسرائيل» وتُبقي حماس

عمران الخطيب

ليست هذه المرة الأولى التي تقدم فيها حركة حماس مبادرة تهدف إلى تثبيت وجودها كطرف في ما يُسمّى «الحل الأمني» الإسرائيلي في قطاع غزة. فقد سبق أن طرح مؤسس الحركة، المرحوم الشيخ أحمد ياسين، مبادرة هدنة قد تصل إلى عشرين عامًا مقابل بقاء حماس في قطاع غزة. كما صدرت عن قيادات الحركة، عبر مراحل مختلفة، تصريحات عديدة تضمنت تنازلات متكررة في هذا الإطار.

وفي عام 2012، وبعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عُقد لقاء لوقف إطلاق النار ضمّ الرئيس المصري السابق محمد مرسي، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم، ووزيرة الخارجية الأمريكية، إلى جانب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ومدير مكتب بنيامين نتنياهو. وقد تمخض اللقاء عن اتفاق لوقف الأعمال العدائية بين حماس و«إسرائيل».

اليوم، يعود خالد مشعل، الذي يتولى مسؤول الخارج لحركة حماس، ليقدم ما يمكن وصفه بـ«طوق نجاة» للإدارة الأمريكية و«إسرائيل» بوصفها دولة احتلال، من خلال الوصول إلى تفاهمات تقوم على منح حماس دورًا في قطاع غزة، مع الحفاظ على وجودها الحالي، وتسليم سلاحها الثقيل، والإبقاء على السلاح الخفيف، بما يسمح لها بأداء دور أمني محدد، خاصة في ظل التجربة الأمنية لحماس في قطاع غزة بعد سيطرتها الأمنية الشاملة عقب الانقسام الدموي، وفي ظل تغييب السلطة الفلسطينية.

في الوقت الراهن، توجد ثلاثة أطراف لا ترغب في عودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى قطاع غزة: حركة حماس، و«إسرائيل»، والإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب. ومن هنا، يمكن فهم حالة المماطلة في تنفيذ الخطوتين الأولى والثانية، والمتعلقتين بالانسحاب الإسرائيلي وإدخال المساعدات الإنسانية للنازحين في قطاع غزة، وهو ما يشكل حالة ارتياح لهذه الأطراف الثلاثة، كلٌّ وفق حساباته الخاصة.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة «هآرتس» مقالًا بعنوان: «من دون تفويض واضح لقوة الاستقرار، يمكن لحماس أن تعرض نفسها كحل»، بقلم تسفي برئيل. ويشير المقال إلى أن خطة ترامب تتطلب من الدول التي ستشكل قوة الاستقرار تقديم ما هو أكثر مما هي مستعدة له، لا سيما في ما يتعلق بنزع سلاح حماس. كما يوضح أن على الرئيس الأمريكي أن يقرر ما إذا كان سيُصرّ على هذا الشرط من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة.

ووفق ما ورد في المقال، فإن حماس مستعدة للدخول في وقف إطلاق نار طويل الأمد، مدعوم بتعهد بتخزين السلاح ووقف أي نشاط عسكري ضد «إسرائيل». وقد قال خالد مشعل، في مقابلة مع موقع أمريكي، إنه مستعد للعمل إلى جانب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من أجل خلق مناخ من الاستقرار في غزة، يتيح إعادة الإعمار، ويمهد لإجراء انتخابات، وخلق الشروط السياسية اللازمة للدخول في مفاوضات حول مستقبل الدولة الفلسطينية.

وهنا يبرز السؤال المركزي: أين يكمن مشروع الدولة الفلسطينية؟ وأين ستكون هذه الدولة يا سيد مشعل؟ هل ستكون في جزء من قطاع غزة؟ أم بعد «الشريط الأصفر»؟ أم بين رفح والعريش؟ وهل يعني ذلك مشروع دولة فلسطينية مؤقتة خارج إطار القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، وخارج حل الدولتين؟

وقبل كل ذلك، يبرز تساؤل أكثر إلحاحًا: أليس من الضروري طرح هذه المبادرة على استفتاء شعبي في قطاع غزة، لمعرفة موقف المواطنين من حركة حماس، بعد الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها أهالي القطاع، وبعد عامين من العدوان والإبادة الجماعية؟

حتى تنجح هذه المبادرة…

عمران الخطيب
Omranalkhateeb4@gmail.com