السياسي – بطلة عيد الأنوار لهذه السنة امرأة مجهولة كانت ترتدي ملابس سوداء، محجبة الرأس وتحمل محفظة في يد وهاتفاً محمولاً في اليد الأخرى. الأربعاء الماضي، تقدمت من الشمعة الرابعة في عيد الأنوار للشمعدان الموجود في المجمع التجاري “وايزمن” في تل أبيب، وأطفأت الشموع بمرة واحدة. زوجها صفق لها. ثم قفلت عائدة. ثم أشعل الشمعدان ثانية وأطفأته مرة أخرى. هذه المرأة هي روزا باركس الفلسطينية. لقد انتشر مقطع الفيديو الذي يوثق احتجاجها في عطلة نهاية الأسبوع، بشكل واسع.
ردود غاضبة لم تتأخر: توثيق “مثير للغضب” في ماكو وفي القناة 14، توثيق “مثير للغضب” في غرف الحريديم، “لاسامية تتحدث العربية” – وفي إنستغرام في حساب “الظل”، وذكر يئير بولداش في صحيفة “هآرتس” بأن الشرطة فتحت تحقيقاً، لكنها لم تحدد بعد التهمة التي يمكن توجيهها للمتمردة. الشرطة تفحص المادة 170 في قانون العقوبات التي تحظر “تدمير أو اتلاف أو تدنيس مكان عبادة أو أي شيء مقدس لأي مجموعة، بقصد الإساءة لديانتهم، مع العلم أنهم يعتبرون الفعل إهانة لديانتهم”. والعقوبة القصوى لهذه المخالفة تصل إلى ثلاث سنوات سجناً.
جميع من أحرقوا المصاحف في مساجد الضفة الغربية خارج السجن الآن، ولكن هذه المرأة ستُعتقل. في وقت كتابة هذه السطور، تتواصل عملية البحث عنها على قدم وساق. السبت، أو على أكثر تقدير مع حلول عيد الأنوار، سيتم اعتقال هذه المرأة. والمحاكمة الصورية في الطريق، حتى لو كان يانون مغيل متشائماً: “سيعتقلونها ويصورونها قرب علم إسرائيل، وسيجلبونها لتمديد اعتقالها، والقاضي سيطلق سراحها”. بيوت إسرائيل مليئة بالعرب الذين أطلقت المحكمة سراحهم. اسألوا الشاعرة دارين تاتور، التي مكثت نصف سنة في الإقامة الجبرية حتى محاكمتها بسبب منشور فيسبوك قبل 7 أكتوبر بفترة طويلة. بالنسبة لليمين، التي أطفأت الشموع تعدّ مخربة، وحكمها الإعدام.
من غير اللطيف إطفاء شموع عيد الأنوار، ولا أعرف ما الذي جعل هذه المرأة الشجاعة تفعل ذلك، لكن يصعب تخيل احتجاج سلمي رائع أكثر من ذلك. يجوز تشويش العيد الذي يحتفل فيه اليهود تكريماً لانتصار ثورة الحشمونائيم ضد المحتل اليوناني. العيد الذي ينشد فيه اليهود “جئنا لطرد الظلام، وفي أيدينا النور والنار”. يجوز الاحتجاج فيه. والعيد الذي ينشد فيه اليهود: “بالبهجة والفرح نملأ قلوبنا، ويحيط بنا الليل والنهار وسنأكل الكعك بكثرة”، يجوز إفساده. فوق كل ذلك، في العيد الذي ينشد فيه اليهود بدون خجل: “في وقت إعداد المطبخ يجب توقف النباح”، الذي يعني: عندما يحين الوقت ويعد الله مذبحة لكل من يكرهنا، الذين ينبحون علينا مثل الكلاب – يجوز لنا أن نثور.
مسموح لامرأة فلسطينية إسرائيلية أن تعتقد بوجوب وقف هذا الاحتفال بفعل احتجاج شخصي: إطفاء الشموع في المجمع التجاري، في الوقت الذي يغرق فيه إخوتها – ربما أبناء عائلتها، في يافا مثلاً، حيث لا توجد عائلة إلا ولها أقارب في غزة – في الوحل، ويتجمدون برداً وتستمر الكلاب الجائعة بنهش جثث أقاربهم المحاصرين، وفي هذا الوقت يحتفل اليهود هنا وكأن شيئاً لم يكن. على أحد ما أن يذكرهم بأن الحرب في غزة لم تنته، وان المعاناة تزداد. على أحدهم أن يذكر الإسرائيليين بأنهم في الوقت الذي يملأون فيه بطونهم بالحلوى الفاخرة، ما زال ناس في غزة يتوقون إلى الخبز، أو على الأقل لا يمكنهم رؤية العدس، وأن هناك مئات آلاف المشردين يفعل بهم الشتاء العجائب، وأن هناك مرضى يموتون بشكل بطيء في عذاب فظيع بسبب نقص العلاج، وأن هناك مئات آلاف الأطفال الذين قتل أصدقاؤهم، والذين لم يتمكنوا من الالتحاق بمدرسة أو أي إطار آخر لأكثر من سنتين، وأن مستقبلهم محكوم عليه بالجهل واليأس حتى لو نجوا من الحرب التي لم تنته بعد.
هذا الأمر يمس عرب إسرائيل ويؤلمهم، حتى لو كانوا مصابين بالشلل بسبب رعب النظام الذي يعتقل كل من يتجرأ على التعبير عن إنسانيته. والآن، تأتي هذه المرأة المجهولة مع الشمعة الرابعة في عيد الأنوار وتطفئها بنفخة واحدة، أمام من يحتفلون بهذه الشموع. إنها بطلة.
جدعون ليفي
هآرتس 21/12/2025







