هآرتس: إسرائيل قبلة الفاشية الجديدة من أرجاء العالم

السياسي – “ابن لنازي: خوسيه انطونيو كاست، فاز في الانتخابات في تشيلي”،

هكذا كان العنوان الصارخ. ولكن هذا الأمر لم يمنع وزير الخارجية جدعون ساعر من أن يكون من المهنئين الأوائل للرئيس الجديد. أيديولوجيا يمينية متطرفة؟ حملة صليبية ضد المهاجرين، الذين ينوي طردهم “ولا يحملون إلا الملابس التي يرتدونها؟”، ماض عائلي مظلم مرتبط بالنازية؟ تعاطف علني مع الشخص الدموي اوغستو بينوشيه، الذي أغرق تشيلي في بحر من الدماء والتعذيب؟ كل ذلك يتقزم إزاء حقيقة أنه شخص مؤيد متحمس لإسرائيل.
للدهشة، تهنئة ساعر لابن نازي لم تثر استغراب أحد في إسرائيل، وكأن الأمر يتعلق بشيء طبيعي، دولة لشعب كان ضحية للنازية تحولت إلى موضع محبة لأحزاب يمينية متطرفة وأحزاب نازية جديدة في أرجاء العالم. ولكن قبل لوم ساعر يبرز سؤال: لماذا يجد السيد كاست في إسرائيل حليفة، ما الذي يجذبه إليها، وما الذي يستهويه فيها. ففي نهاية المطاف، إذا حكمنا حسب التاريخ فقد كان من المفروض أن يكره هو وأمثاله إسرائيل، دولة اليهود، بل ومقاطعتها. هناك سؤال آخر: هل غير النازيون الجدد جلدهم؟ كيف أصبحوا فجأة أصدقاء لليهود؟ أعتقد أن الإجابة عن هذه الأسئلة تكمن في أنه رغم أن جوهر النازية والفاشية كان وما زال كراهية الآخر، لا سيما اليهود، فإن اليمين المتطرف يعطي أهمية كبيرة للوحشية الجامحة والقومية العمياء والاستخفاف الصارخ بالعالم وبالأعراف الدولية. إن الأنظمة التي تتسم بكل هذه الصفات تصبح موضع إعجاب، بل وأحياناً موضع عبادة، لدى الموجة الجديدة من اليمين المتطرف في العالم. وإدارة ترامب حالياً تبرز هذه الصفات، وإسرائيل تسير على خطاها، بل وتسبقها أحياناً.
إن المكانة المقززة التي يحظى بها ترامب بالمديح والثناء ويصور كشخصية شبه خارقة، هي صورة العصر الذي يتشكل بالتدريج أمام أنظاري، حيث الأغنياء اليهود الكبار في أمريكا، ومن بينهم مريام اديلسون، يتملقونه ويمهدون له الطريق لسنوات إضافية في الرئاسة. كل هذا يثير الاشمئزاز لدى الأشخاص الأسوياء أخلاقياً وعقلياً. ولكن ترامب يسلط الضوء بالتحديد على الصفات المروعة التي تستحوذ على قلوب اليمين الفاشي الجديد: انتهاك القانون الدولي والقانون الأمريكي على حد سواء، ومنح العفو بالجملة، يميناً ويساراً، والتجاهل التام لفضائح مخزية مثل قضية جيفري ابستين. وفي المقابل، وجود حشد متحمس من المؤيدين الذين يلتهمون أقواله بتشوق.
هكذا هو الوضع أيضاً في إسرائيل. القومية المتطرفة أصبحت طاغية، عمى لا علاقة له بالمنطق السياسي، قسوة شيطانية تطغى على كل شيء، ازدراء صارخ لأي شخص لديه موقف مختلف داخل إسرائيل وفي العالم، اجتثاث كل المشاعر الإنسانية تجاه كل ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية (خلافاً لذلك، فإن صانعي السياسة والجماعات المؤيدة راضون عن أنفسهم، ليس عليك إلا مشاهدة القنوات التلفزيونية، لا سيما القناة 14، حيث أعرب مسؤول كبير في القناة عن الرضا إزاء المعاناة الإنسانية في القطاع عقب الفيضانات المدمرة).
إسرائيل أصبحت محط أنظار مجانين العالم. يرون سلوكها الشاذ ويصابون بالذهول. وتأتي ردود فعلها متوافقة مع توقعاتهم. هاكم آخر المستجدات: وزير شؤون الشتات، عميحاي شيكلي، دعا تومي روبنسون، زعيم اليمين المتطرف في بريطانيا، لزيارة إسرائيل، ما أثار الغضب الشديد في أوساط الجالية اليهودية في بريطانيا. وجاء في بيان صادر عن المجلس الذي يمثل مئات المنظمات اليهودية في بريطانيا: “تومي روبنسون مجرم يمثل أسوأ ما في بريطانيا”. ويبدو أن دور شيكلي الحقيقي هو دعم اليمين المتطرف والفاشية، وليس دعم الجاليات اليهودية في الشتات. إذا كان الأمر هكذا ينبغي تغيير اسم وزارته إلى “وزارة شؤون النازيين الجدد”.
بفضل شيكلي وإسهامه السخي تحولت إسرائيل من دولة تجميع الشتات إلى دولة تجميع الفاشيين المجانين.
عودة بشارات
هآرتس 22/12/2025