كشفت قناة «كان» العبرية، نقلًا عن مسؤول في العائلة المالكة السعودية، عن تبنّي الرياض موقفًا صارمًا تجاه التصعيد الإسرائيلي المتواصل في المنطقة، معتبرة أن السلوك الحالي لحكومة الاحتلال يشكّل عائقًا جوهريًا أمام أي مسار تطبيع محتمل في المستقبل.
وتُظهر التقديرات في الرياض، بحسب المصدر، أن إسرائيل لم تعد تُبدي أي اهتمام حقيقي بتحقيق السلام، بل تتصرف كقوة تسعى إلى إدارة الصراع عبر توسيع رقعة الحرب. هذا التقييم السعودي يعكس قناعة بأن الخطاب الإسرائيلي حول «الاستقرار» يتناقض كليًا مع ممارسات ميدانية قائمة على التصعيد وفرض الوقائع بالقوة.
أوضح المسؤول السعودي أن السلوك الإسرائيلي في المرحلة الحالية يدل على رغبة واضحة في المضي قدمًا في خيار الحرب، لا سيما مع اتساع دائرة الاشتباك على أكثر من جبهة. هذا النهج، من وجهة نظر الرياض، لا يقتصر على غزة، بل يمتد ليشمل سوريا ولبنان والضفة الغربية، بما يعكس استراتيجية تصعيد شاملة لا تترك هامشًا للحلول السياسية.
وترى السعودية أن هذه السياسة الإسرائيلية لا تُهدد فقط فرص التطبيع، بل تُقوّض أسس أي نظام إقليمي مستقر. فالتوسع العسكري المتزامن على عدة جبهات يخلق بيئة انفجارية، تجعل أي حديث عن تسويات أو شراكات إقليمية مجرد شعارات فارغة لا تستند إلى واقع قابل للاستدامة.
بحسب التقرير، فإن السياسات الإسرائيلية الحالية تجاه سوريا ولبنان والضفة الغربية تسهم بشكل مباشر في تعقيد المشهد الإقليمي. فالاعتداءات المتكررة، والتصعيد الأمني، والانتهاكات المستمرة، ترسّخ حالة عدم الاستقرار وتغذّي مناخًا من انعدام الثقة بين الأطراف الإقليمية.
وتعتبر السعودية أن فتح هذه الجبهات أو الإبقاء عليها في حالة توتر دائم ليس مجرد سلوك دفاعي، بل خيار سياسي مدروس يهدف إلى فرض وقائع جديدة بالقوة. هذا النهج، وفق التقدير السعودي، يُضعف أي مساعٍ دبلوماسية ويحوّل المنطقة إلى ساحة صراعات مفتوحة بدلًا من فضاء للتفاهمات.
أشار التقرير إلى أن المملكة العربية السعودية نقلت هذه المواقف بوضوح إلى الإدارة الأمريكية، محمّلة الجانب الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عن عرقلة جهود التطبيع. هذه الرسائل تعكس رغبة سعودية في إعادة توجيه النقاش مع واشنطن، بعيدًا عن تحميل الأطراف العربية مسؤولية الجمود السياسي.
وترى الرياض أن أي محاولة أمريكية لدفع مسار التطبيع دون معالجة السلوك الإسرائيلي ستكون محكومة بالفشل. فالدعم الأمريكي غير المشروط لتل أبيب، في ظل هذا التصعيد، لا يؤدي إلا إلى تشجيع إسرائيل على الاستمرار في سياساتها، ما يضعف مصداقية واشنطن كوسيط سياسي.
تؤكد الرؤية السعودية أن التصعيد العسكري والتوسع في العمليات داخل دول الجوار وفي الضفة الغربية يتناقضان جذريًا مع متطلبات الاستقرار الإقليمي. فالأمن، من منظور الرياض، لا يُبنى عبر القوة العسكرية وحدها، بل عبر تسويات سياسية عادلة تعالج جذور الصراع.
وتشير هذه المقاربة إلى أن أي حديث عن شرق أوسط مستقر في ظل استمرار الاحتلال والانتهاكات الإسرائيلية يبقى طرحًا نظريًا منفصلًا عن الواقع. فغياب أفق سياسي حقيقي، واستمرار السياسات القمعية، يجعل من الاستقرار هدفًا بعيد المنال.
تأتي هذه التسريبات في توقيت حساس تشهد فيه المنطقة حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا تقوده الولايات المتحدة، في محاولة لإعادة ترتيب المشهد الإقليمي. غير أن الموقف السعودي يضيف عنصر ضغط جديد على واشنطن، ويضعها أمام اختبار حقيقي لقدرتها على كبح التصعيد الإسرائيلي.
وتفهم الرياض أن الحفاظ على أي فرصة لاستئناف مسار المفاوضات الإقليمية يتطلب تدخلًا أمريكيًا جادًا يضع حدودًا للسلوك الإسرائيلي. من دون ذلك، ستبقى كل المبادرات الدبلوماسية رهينة واقع ميداني تُديره إسرائيل بمنطق القوة، لا بمنطق السلام.





