منذ اللحظة الأولى لعودته إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني 2025، وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحرب الروسية الأوكرانية في صدارة أولوياته، ليس فقط باعتبارها نزاعًا عسكريًا مفتوحًا في قلب أوروبا، بل كاختبار مباشر لقدرته على إعادة تشكيل النظام الدولي.
وشهد عام 2025 مبادرات وتصريحات واتصالات أمريكية مباشرة كشفت عن مسار تفاوضي متعرج، تداخلت فيه وعود السلام السريع مع حقائق ميدانية وسياسية أكثر تعقيدًا، لينتهي العام دون اتفاق، ولكن أيضًا دون غياب كامل للأمل.
مع بداية ولايته في يناير، أطلق ترامب خطة سلام وُصفت داخل الإدارة الأمريكية بـ”الطموحة”، وتقوم على وقف فوري لإطلاق النار، ثم الانتقال إلى مفاوضات مباشرة بين موسكو وكييف برعاية أمريكية أوروبية.
وفي فبراير شباط، أعلن البيت الأبيض عن قنوات اتصال مفتوحة مع الكرملين، وتحدث ترامب علنًا عن قرب إجراء محادثات مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتوازي مع تنسيق مكثف مع قادة أوروبيين.
في هذا السياق، أوفد ترامب مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو حاملاً تصورًا أوليًا لخطة نهائية تشمل وقف القتال وترتيبات أمنية أوروبية وأيضًا طرحًا حساسًا يتعلق بوضع شبه جزيرة القرم.
الردود الأولى عكست حذرًا أكثر من كونها رفضًا، إذ أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تقديرًا لاهتمام ترامب، لكنه شدد على أن استعادة “الأراضي المحتلة” تظل هدفًا سياديًا لا يمكن التنازل عنه بسهولة.
وفي المقابل، أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انفتاحًا لفظيًا على المسار الدبلوماسي، مع تأكيد ثابت بأن روسيا لن تتخلى عن أهدافها الاستراتيجية إذا فشلت المفاوضات.
وجاء اجتماع مارس آذار في البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني ليشكل أول اختبار عملي لمسار التسوية، حيث مارس ترامب ضغوطًا واضحة على زيلينسكي لقبول وقف إطلاق النار كمدخل إجباري لأي حل سياسي.
وخلال الربيع، بدا أن المسار الدبلوماسي يصطدم بواقع الميدان، بعد رفض موسكو مقترحًا أمريكيًا لوقف إطلاق النار، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي إلى إعادة فرض عقوبات اقتصادية جزئية، وذلك في خطوة عكست ازدواجية نهجه بين العصا والجزرة، وفقًا للمراقبين.
ورغم ذلك، لم تتوقف الاتصالات، ففي مايو أيار، تحدث ترامب عن اقتراب “الصفقة” بعد اجتماعات في برلين، بينما أشار زيلينسكي إلى أن بعض بنود الخطة الأمريكية، خصوصًا ما يتعلق بالضمانات الأمنية والترتيبات الإقليمية، لا تزال غير ناضجة.
وكان شهر يونيو حزيران محطة مفصلية مع طرح خطة سلام أمريكية موسعة من 28 نقطة، تضمنت تنازلات إقليمية من الجانب الأوكراني وقيودًا على حجم الجيش، ورفعًا تدريجيًا للعقوبات عن روسيا مقابل وقف القتال.
رد بوتين جاء محسوبًا، بعد رفضه بعض البنود وترك الباب مواربًا أمام التفاوض، أما زيلينسكي، فكان أكثر صراحة في رفض أي سلام يقوم على التنازل عن الأراضي، معتبرًا أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يكون على حساب السيادة.
المصدر: وكالات






