السياسي – كشفت ملفات جديدة أصدرتها وزارة العدل الأمريكية تفاصيل إضافية تتعلق بوفاة الملياردير الأمريكي جيفري إبستين عام 2019 أثناء احتجازه في مركز الإصلاحيات الحضري “المتروبوليتان” في نيويورك فيما كان ينتظر محاكمته بتهم الاتجار بالجنس والاعتداء على قاصرين.
وأظهرت الوثائق التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن إبستين وُجد ميتًا في زنزانته في مركز التحقيقات الفيدرالي في مانهاتن في 10 آب/ أغسطس 2019، وأوضح تقرير الطب الشرعي أن وفاته كانت نتيجة الانتحار شنقًا، فيما تبرز الوثائق بشكل موسع إخفاقات إدارية داخل السجن قبل وفاته.
كما تكشف الوثائق أن إبستين أُزيل من برنامج المراقبة الخاصة بالانتحار بعد حادثة سابقة في 23 يوليو/تموز من نفس العام، حين عثر على حبل مصنوع من قماش برتقالي، ما أدى إلى إدراجه في قائمة المراقبة للانتحار، أخليت زنزانته من زميله قبل وفاته، وترك بمفرده رغم التعليمات الصارمة بضرورة مراقبته.
Here’s the man who NEVER goes to church, can’t recite even one Bible verse (but sells Bibles with his autograph), is an adulterer who cheated on all 3 wives, was found guilty of ripping off charities(!), an adjudicated rapist & parties with Jeffrey Epsteinpic.twitter.com/FHH2zWC73O
— BigBlueWaveUSA2026® 🇺🇸🌊🇺🇦 (@BigBlueWaveUSA) December 26, 2025
وتشير الوثائق إلى تقصير الحراس في أداء واجباتهم، بما في ذلك النوم أثناء نوباتهم وتزوير سجلات المراقبة، ما ترك إبستين بدون مراقبة لساعات قبل اكتشاف وفاته، وتكشف السجلات النفسية أن إبستين أبدى علامات من الضيق والعجز عن مناقشة الحادثة السابقة، رغم نفيه وجود أي أفكار انتحارية في بعض التقييمات، وتدعم هذه الملفات الحكم الطبي الأولي الذي أشار إلى أن وفاة إبستين كانت انتحارًا، لكنها في الوقت نفسه تؤكد وجود إخفاقات كبيرة في توفير الحماية اللازمة له أثناء الاحتجاز.
رُفض الإفراج عن إبستين بكفالة، وكان يواجه، وهو في السادسة والستين من عمره، عقوبة محتملة بالسجن لمدة 45 عامًا في حال إدانته بجميع التهم، وقبل يوم من وفاته، كشف قضاة اتحاديون، في دعوى مدنية منفصلة، عن ألفي صفحة من السجلات تتضمن مزاعم تحرشه الجنسي بفتيات ونساء شابات.
وبعد ستة أيام من وفاته، أصدرت باربرا سامبسون، كبيرة الأطباء الشرعيين في مدينة نيويورك، والتي أجرى مكتبها تشريح جثة إبستين، تقريراً يفيد بأنه انتحر شنقاً، ومنذ ذلك الحين، طعنت مجموعة واسعة من الناس، بمن فيهم أعضاء الكونغرس وبعض المؤيدين البارزين للرئيس دونالد ترامب، في هذا الاستنتاج، مؤكدين دون أي دليل أن إبستين قد قُتل، وقدموا نظريات حول من قد يكون فعل ذلك.
حاليا، وبحسب “واشنطن بوست”، لا تُقدّم الوثائق التي نُشرت حتى الآن أي دعم لتلك النظريات. بل تُقدّم أدلة إضافية على الاستنتاج الذي توصلت إليه التحقيقات السابقة – سواء من قِبل وزارة العدل أو المؤسسات الإعلامية – وهو أن مسؤولي السجن لم يُراقبوا إبستين بشكل صحيح، على الرغم من أنهم وضعوه سابقًا تحت المراقبة خشية انتحاره.
-ترك مسؤولو السجن إبستين وحيدًا في زنزانته
وبعد وفاة إبستين، وُجهت تهمة الإهمال في مراقبته إلى اثنين من موظفي السجن، وذكر المدعون أنهما ناما خلال جزء من نوبتهما، وأضاعا وقتهما في التسوق عبر الإنترنت، وزوّرا سجلات العمل لإخفاء تقصيرهما في القيام بجولات تفتيش كل 30 دقيقة، وفي نهاية المطاف، توصلا إلى اتفاق لتجنب المحاكمة. كما ترك مسؤولو السجن إبستين وحيدًا في زنزانته، رغم التعليمات الصارمة بعدم القيام بذلك.
في الساعات الأولى من صباح يوم 23 تموز/ يوليو 2019، بعد أسبوعين من وصول إبستين إلى السجن، عثر عليه العاملون شبه فاقد للوعي على أرضية زنزانته، وقد لُفّ حبل برتقالي بدائي الصنع حول عنقه، وذلك وفقًا لتقرير تحقيق صادر عن مكتب السجون الفيدرالي، وقد حظيت محاولة الانتحار السابقة، التي بدت واضحة للعيان، بتغطية إعلامية واسعة، إلا أن الوثائق التي نُشرت حديثًا تُقدّم تفاصيل جديدة.
وتشير الوثائق، أنه بعد محاولاتٍ مضنيةٍ لإيقاف إبستين، قام الموظفون بتقييد يديه وساقيه ونقله على نقالة، وفقًا للتقرير، وكشف الفحص الطبي عن وجود إحمرار وكدمات حول رقبته، وتُظهر صورٌ في التقرير، ومصنفةٌ على أنها “محاولة انتحار محتملة”، إبستين في حالةٍ يرثى لها، مرتديًا سترةً زرقاء مضادةً للانتحار، وبشرته محمرةٌ بشكلٍ طفيفٍ فوق عظمة الترقوة.
Thomas Massie teases ‘back up plan’ to out Jeffrey Epstein accomplices https://t.co/4M45eQhygI pic.twitter.com/lQeV8ajvJ1
— New York Post (@nypost) December 22, 2025
وكان من بين الوثائق التي نشرتها وزارة العدل هذا الأسبوع سجل ملاحظات من صباح محاولة الانتحار المزعومة، ويُظهر السجل ملاحظات مكتوبة بخط اليد من اثنين من الموظفين، تم تدوينها على فترات زمنية مدتها 15 دقيقة، تشير مذكرة إلى أن إبستين “ذكر أن زميله في الزنزانة حاول قتله”، وفي ذلك الوقت، كان إبستين محتجزًا مع نيكولاس تارتاليون، وهو ضابط شرطة سابق أُدين لاحقًا بجريمة قتل رباعية وحُكم عليه بالسجن المؤبد، ووفقًا لوثائق السجن، صرّح كل من تارتاليون وإبستين لاحقًا بأنه لم تكن بينهما أي مشاكل، ولم يعثر المحققون على أدلة قوية تُثبت أن تارتاليون اعتدى على إبستين.
-استيقظ إبستين على صوت شخير تبين لاحقاً أنه صوته
جاء في سجل مراقبة الانتحار: “السجين جالس على السرير يحاول تذكر ما حدث”، وأفاد إبستين للمحققين في مقابلة أجريت معه بأنه لم ينم منذ “حوالي 20 يوماً”، وقال إنه استيقظ على الأرض على صوت شخير تبين لاحقاً أنه صوته، وذكر التقرير أن زميلة في الزنزانة “تارتاليوني” قال إنه كان نائماً على أرضية الزنزانة عندما شعر بشيء يصطدم بقدمه، واستيقظ ليجد إبستين يشخر وعيناه مفتوحتان، فظن أنه مصاب بنوبة قلبية، وفقاً للتقرير.
يبدو أن إبستين قد تعافى سريعًا من محاولة الانتحار الظاهرة، وفقًا لتقرير طبي صادر عن مكتب السجون تم تعبئته في ذلك الصباح. وأشار أحد مقدمي الرعاية الصحية إلى أنه كان يتنفس بشكل طبيعي، ولم يبدُ عليه أي ضيق، بل كان يبتسم خلال الزيارة. وذكر التقرير أنه رفض الحديث عما أدى إلى الحادث، مكتفيًا بالقول إنه “ذهب ليشرب قليلًا من الماء، ثم استيقظ وهو يتنفس بصعوبة”.
-الانتحار يتعارض مع دين إبستين
ويبدو أن وثيقة منفصلة تحتوي على ملاحظات من مقابلة مع طبيب نفسي في السجن قام بمراقبة إبستين على مدى الأسبوعين التاليين، تجنّب إبستين الإجابة عن أسئلة تتعلق بالحادثة، وقال إن الانتحار يتعارض مع دينه، وجاء في إحدى النقاط: “قال إبستين إنه لا يحب الألم ولا يريد إيذاء نفسه”، وجاء في سجل آخر: “لا توجد أي علامات في سجلات الدخول تدل على ميول انتحارية، أو مشاركة في اجتماعات قانونية”، وتشير ملاحظات أخرى إلى أن إبستين حاول تجنب نقله مرة أخرى إلى سكن خاص.
يُظهر سجل آخر، مؤرخ في الفترة من 24 إلى 30 تموز/ يوليو 2019، أن إبستين سُمح له بالحصول على وسائل الراحة الأساسية أثناء خضوعه للمراقبة النفسية، بما في ذلك الملابس العادية والصحف والمجلات والكتب والبريد القانوني و”فرشاة أسنان آمنة”، ووفقًا للسجلات، فقد أجرى أحاديث قصيرة مع الموظفين حول استراتيجيات الاستثمار والحياة في السجن، وزار المحامين، واستحم ونام.
-يُعتبر مؤهلاً للمحاكمة لأنه ليس مريضاً عقليًا
وبعد أقل من 48 ساعة من محاولة الانتحار الواضحة، أرسل نائب مدير السجن بريدًا إلكترونيًا إلى المدير الإقليمي ليقول إن إبستين قد يواجه جلسة تأديبية لانتهاكه حظر السجن على “تشويه الذات”، وجاء في البريد الإلكتروني أن طبيباً “أشار إلى أنه من المرجح أن يُعتبر مؤهلاً للمحاكمة لأنه ليس مريضاً عقلياً”. “لدينا مذكرات داعمة من الضباط الذين استجابوا للبلاغ، والذين أفادوا بأنهم شاهدوا السجين إبستين وبجانبه حبل مشنقة بدائي الصنع”.
وتشير الوثائق إلى أن رسائل بريد إلكتروني أخرى من مرسلين تم حجب أسمائهم تُظهر مسؤولي السجن وهم يتابعون تقدم إبستين في الأيام التي سبقت وفاته أثناء احتجازه، وفي رسالة بريد بتاريخ 26 تموز/يوليو، أشار كبير علماء النفس في السجن إلى أن أحد علماء النفس في مقر مكتب السجون في واشنطن “كان قلقًا من أنني نقلته إلى المراقبة النفسية بدلاً من إبقائه تحت المراقبة الخاصة”، وربما كان يشير إلى المراقبة من أجل منع الانتحار.
وأشار تبادل رسائل، إلى أن إبستين أمضى “حوالي 12 ساعة” مع محاميه واشتكى من شعوره بالجفاف بسبب قلة فترات الراحة في الحمام، وجاء في رسالة بريد إلكتروني بتاريخ 27 تموز/ يوليو: “اشتكى أيضاً من اضطراره للعودة إلى الحبس الانفرادي”، في إشارة إلى وحدة الإيواء الخاصة، المخصصة للسجناء الذين يعانون من مشاكل نفسية والذين يحتاجون إلى مراقبة إضافية، وأضاف المرسل أن إبستين كان “قلقاً بشأن ذلك، ولم يكن قادراً على النوم هناك بسبب ضجيج السجناء وصراخهم ليلاً”.
-السجين إبستين مستقر نفسيًا
وجاء في رسالة بريد إلكتروني مؤرخة في صباح اليوم التالي: “يبدو أن السجين إبستين مستقر نفسياً”.
أعاد موظفو السجن إبستين إلى سكن خاص في 30 تموز/يوليو، وخلال الأيام التالية، راسل محامو إبستين مسؤولي السجن بشكاوى حول ظروف احتجازه، وذكروا أنه لم يكن لديه ورق تواليت، وأن جهاز التنفس المساعد (CPAP) الخاص به، المستخدم لعلاج انقطاع النفس النومي، قد تم فصله، وأنه لم يُسمح له إلا بإجراء مكالمتين مدة كل منهما 15 دقيقة عبر مكبر الصوت بحضور الضباط، وذلك وفقًا لرسائل بريد إلكتروني تم تنقيحها، وفي العاشر من أغسطس، وجد موظفو السجن الذين كانوا يقدمون وجبة إفطار إبستين أنه فاقد للوعي في زنزانته، وفقًا لما أظهرته الوثائق.





