السياسي – تعرضت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، لانتقادات حادة جراء الدور الذي لعبته في تشكيل الفهم العام لحرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على غزة، حيث اختارت مرارًا وتكرارًا التعتيم والتقليل من شأن واحدة من أكثر الحملات العسكرية وحشية في القرن الحادي والعشرين، وفق ما أكده موقع “ميدل إيست آي”.
وأظهر تسجيل مصور جديد، لإحدى من وصفت بالـ”مبلغين” وهي تتحدث عن مخالفات للمهنية، حيث أعطت إدارة (بي بي سي) موظفيها تعليمات صارمة لحماية الإسرائيليين خلال التغطيات ومنع استخدام كلمة “إبادة جماعية” خلال النشرات الإخبارية.
Whistleblower: BBC management gave us strict instructions to protect the Israelis and suppress use of the word "genocide". pic.twitter.com/zuX1ov8NzZ
— tim anderson (@timand2037) December 25, 2025
وكشف تقرير جديد صادر عن مركز مراقبة الإعلام (CfMM) عن نمط مدمر في تغطية هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) للحرب في غزة، حيث جاء فيه أن الشبكة الإخبارية لطالما فضلت ودعمت بشكل مستمر الأصوات الإسرائيلية، مقابل تجريد معاناة الفلسطينيين من إنسانيتها، فضلا عن رصد رفض متعمد لتسمية “الإبادة” لما يجري في القطاع المحاصر.
-فشل ممنهج في معاملة الفلسطينيين كبشر
وأضاف المركز، أن الأمر لا يتعلق بأخطاء تحريرية طفيفة فحسب، بل بفشل ممنهج في معاملة الفلسطينيين كبشر كاملين، كأشخاص تستحق حياتهم وموتهم أن يتم تمثيلهم بنفس الكرامة والجدية والوضوح الأخلاقي الذي يُمنح للإسرائيليين، وبالتالي فإن هيئة البث الممولة من القطاع العام تخلت عن واجبها في الحياد لصالح سردية أحادية الجانب ذات طابع سياسي عميق.
ومن الملاحظ أنه ومنذ بداية الهجوم الإسرائيلي على غزة في أعقاب هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لم تصور هيئة الإذاعة البريطانية الحرب على أنها استمرار لعقود من الاستعمار والحصار والتشريد، بل على أنها صراع متكافئ بين جانبين، وبدلاً من ذلك، تم اختزال الصراع إلى سلسلة من التبادلات الانتقامية، مع فصل المقاومة الفلسطينية عن أي سياق تاريخي أو قانوني.
-تشويه بشع للواقع
كما رصدت مراكز بحوث تجنب “بي بي سي” استخدام مصطلحات مثل “مستوطنات” و”حصار” و”فصل عنصري”، رغم تداولها من قبل الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، فقد كانت غائبة تماماً تقريباً، والنتيجة هي تشويه بشع للواقع يتم فيه محو العنف الهيكلي الذي مارسته واحدة من أكثر الجيوش تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم، ضد سكان محاصرين يبلغ عددهم مليوني شخص، لصالح عبارات ملطفة فارغة وبنى سلبية.
ورغم تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة الـ70 ألفا، معظمهم من النساء والأطفال، لكن تقرير مركز رصد الإبادة الجماعية يُظهر أن تغطية (بي بي سي) للأحداث وصفت الفلسطينيين في أغلب الأحيان بأنهم “ماتوا” أو “قُتلوا” في غارات جوية، دون الإشارة إلى الجهة التي شنتها، في المقابل، وُصفت “الضحايا الإسرائيليين” بعبارات أكثر إثارة للمشاعر، مثل “ذُبحوا” و”نُفذت فيهم مجازر” و”قُتلوا بوحشية”.
لطالما تعرضت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لانتقادات بسبب ما يعتبره الكثيرون “ازدواجية في المعايير” في تغطيتها لهجمات “إسرائيل” على غزة ، فمنذ بداية الهجمات الإسرائيلية، نُظمت العديد من الاحتجاجات خارج مقرها الرئيسي في وسط لندن رداً على موقفها التحريري.
-تغطية إعلامية أكبر بمقدار 33 مرة لصالح الاحتلال
وبحسب تحليل أجراه مركز دراسات الإعلام الرقمي في حزيران/ يونيو لأكثر من 35000 مادة من محتوى (بي بي سي)، أظهر أن الوفيات الإسرائيلية حظيت بتغطية إعلامية أكبر بمقدار 33 مرة لكل حالة وفاة، وباستخدام لغة عاطفية أكثر بكثير.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. فقد كان الضيوف الفلسطينيون في برامج (بي بي سي) يتعرضون للاستجواب والمقاطعة والضغط بشكل روتيني لإدانة حماس، وكأن ذلك هو ثمن السماح لهم بالكلام، أما المتحدثون الإسرائيليون، الذين دافع كثير منهم عن جرائم الحرب على الهواء، فقد حظوا بمعاملة مهيبة، ولم يُطلب من أي ضيف إسرائيلي إدانة القصف المتعمد للمستشفيات أو مخيمات اللاجئين أو المدارس، على الرغم من الأدلة الكثيرة والاستنكار الدولي، وفق ما رصده مقال نشره موقع “ميدل إيست آي”.
-ثقافة الخوف السائدة وازدواجية المعايير التحريرية
وفي أواخر العام الماضي، وقّع أكثر من مئة موظف في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) رسالة مفتوحة يحذرون فيها من تقصير الهيئة في واجبها في تغطية الأحداث في غزة بموضوعية. وأشاروا إلى ثقافة الخوف السائدة، وازدواجية المعايير التحريرية، وعدم الرغبة في السماح للأصوات والآراء الفلسطينية بالظهور دون عداء.
ودافعت الهيئة عن تغطيتها لأحداث غزة، قائلة إنها كانت “شفافة” عندما وقعت الأخطاء و”واضحة مع جمهورها بشأن القيود” المفروضة على عملها بسبب القيود المفروضة على الوصول إلى التقارير الميدانية.







