Middle East Monitor يفضح أهداف حرب نتنياهو غير المعلنة بغزة

السياسي – فضح موقع Middle East Monitor الأمريكي الأهداف “الشيطانية غير المعلنة” لحرب الإبادة الجماعية التي يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شنها في قطاع غزة للعام الثاني.

وأشار الموقع إلى أن نتنياهو تمسك بأن الحرب على غزة سوف تستمر حتى تحقيق ما أسماه “النصر الكامل”. وبدلاً من فحص أهدافه الغامضة والمفتوحة بشكل نقدي، فإن الكثير من وسائل الإعلام الغربية والعديد من الحكومات تصور الهجوم باعتباره “دفاعاً عن النفس”، بل إن بعضها يعتبر الإبادة الجماعية محاولة “إنسانية” “لتحرير” الأسرى الإسرائيليين.

وأبرز الموقع أن الإعلام الغربي أخرج حق الفلسطينيين في الدفاع عن النفس من سياقه بتجاهل حقيقة مفادها أن هجوم “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان رداً مباشراً على أكثر من عقدين من الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة.

وبحسب الموقع فإن الغرب يغض الطرف، ويواصل تمكين (إسرائيل) من ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وسرقة الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية لصالح المستوطنات اليهودية فقط.

وفي الوقت نفسه، تقلل وسائل الإعلام الرئيسية من أهمية أهداف الحرب الغادرة التي تنتهجها (إسرائيل) أو تتجاهلها، حتى على حساب الأسرى الإسرائيليين والمعاناة الهائلة التي يعيشها المدنيون في غزة.

-التطهير العرقي

منذ أكثر من عام، وضع نتنياهو أولوية لأجندة إعادة احتلال شمال غزة وتطهيره عرقيا بدلا من الدخول في مفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى.

ومن شأن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين أن يقوض إحدى الذرائع الأساسية التي يستخدمها نتنياهو لتحقيق أهدافه الشيطانية.

ولن يتسنى هذا إلا لأن زعماء الغرب يتبنون وجهة النظر العنصرية التي يتبناها نتنياهو، ويركزون فقط على رفاهة الأسرى الإسرائيليين، في حين يتجاهلون أكثر من عشرة آلاف أسيرا فلسطينيا محتجزين في السجون الإسرائيلية، ورفاهية 2.3 مليون فلسطيني في غزة.

وقد أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخرا عن قلقه إزاء احتمال تأخير نتنياهو للتحرك لتأمين إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين حتى العشرين من يناير/كانون الثاني، عندما يسلم البيت الأبيض إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في حين لم يعرب عن أي تعاطف على الإطلاق مع معاناة الفلسطينيين التي استمرت عقودا من الزمان.

وفي ظل الصمت الواضح أو العجز من جانب الهيئات العالمية، أصبح الأسرى الإسرائيليون بمثابة غطاء مناسب يرى نتنياهو من ورائه فرصة لإعادة احتلال غزة. ومن الجدير بالذكر أنه استقال من الحكومة الإسرائيلية في عام 2005 احتجاجاً على قرار رئيس الوزراء أرييل شارون “الانسحاب” وإزالة المستوطنين اليهود من قطاع غزة.

-نتنياهو وشن حرب إبادة جماعية

في أعقاب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 مباشرة، شن نتنياهو حرب إبادة جماعية، متجاهلاً اقتراح فصائل المقاومة الفلسطينية بتبادل الأسرى وإنهاء الحرب.

وكان قراره بمواصلة الحرب بدلاً من المفاوضات مدفوعاً بعدة عوامل: فقد أراد أن يصرف انتباهه عن المسؤولية عن الفشل الاستخباراتي تحت إشرافه؛ وتنفيذ إبادة جماعية وتطهير عرقي لإعادة احتلال غزة.

وقد دعا وزير المالية الإسرائيلي العنصري بتسلئيل سموتريتش علانية إلى استراتيجية التطهير العرقي في غزة، وحث بعد ثلاثة أشهر من السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفلسطينيين إلى مغادرة غزة.

وقد كرر سليل عائلة مهاجرة من أوكرانيا الأسطورة الصهيونية الأوروبية التي تعود إلى قرن من الزمان حول قدرة اليهود فقط على جعل الصحراء تزدهر، وهي الرواية التي لا تتجاهل الحقائق التاريخية والجغرافية فحسب ــ كانت فلسطين أكبر مصدر للحمضيات في العالم في عام 1936 ــ بل إنها تتناقض أيضاً مع العهد القديم الذي يصف كنعان، أرض الشعب الفلسطيني، بأنها ” أرض اللبن والعسل ” قبل أن يهاجر العبرانيون القدماء من ديارهم الأصلية إلى فلسطين.

وعلاوة على ذلك، أعلن زميل سموتريتش العنصري في مجلس الوزراء، وزير الأمن القومي إيتامار بن جفير، في خطاب ألقاه في الكنيست في الأول من يناير/كانون الثاني من هذا العام، أن (إسرائيل) لا ينبغي لها أبداً أن تنسحب من أي أرض تحتلها، وأوضح أن إنشاء مستوطنات جديدة لليهود فقط في غزة “أمر مهم”.

وفي اليوم التالي، عزز بن جفير موقفه، قائلاً إن تشريد “مئات الآلاف” من الفلسطينيين من غزة من شأنه أن يساعد في تمهيد الطريق لإنشاء المستوطنات الاستعمارية الجديدة المخصصة لليهود فقط.

وفي الآونة الأخيرة، قال سموتريتش لمجلس يشع، وهي مجموعة مظلة تمثل المستوطنات اليهودية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة: “إننا قادرون ويجب علينا احتلال قطاع غزة”.

وزعم أن هناك “فرصة فريدة” مع انتخاب دونالد ترامب لتقليص عدد سكان غزة إلى النصف، وهو تعبير مخفف عن التطهير العرقي.  وفي يوم الخميس الماضي، ردد بن جفير دعوات “إعادة احتلال قطاع غزة”.

وبطبيعة الحال، فإن جميع المستوطنات الإسرائيلية، والمستوطنين الذين يعيشون فيها، غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهي حقيقة أكدتها محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز.

وعلى الأرض داخل غزة، كانت أدوات الاحتلال أكثر وضوحاً في تعريف معنى شعار نتنياهو “النصر الكامل”.

فقد وقف جنود الاحتلال الإسرائيلي أمام لافتة برتقالية كتب عليها “لن يُعَد النصر إلا في المستوطنات [الخاصة باليهود فقط] في غزة!” ومن الجدير بالذكر أن استخدام اللون البرتقالي يعيد إلى الأذهان اللافتات التي استخدمتها حركة المستوطنين غير الشرعيين في عام 2005 للاحتجاج على قرار شارون بإخلاء المستوطنات اليهودية في غزة.

ولتحقيق هذه الغاية، بدأت (إسرائيل) منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية المستهدفة بالتجويع، فمنعت شاحنات المساعدات الإنسانية من دخول شمال غزة.

وانتشر التجويع في قطاع غزة على نطاق واسع في هذه المناطق، حتى أن النساء والأطفال يضطرون إلى البحث بين أكوام القمامة عن شيء يأكلونه.

وقال رئيس مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أجيث سونغاي، الجمعة، بعد زيارة غزة، إن “الأمم المتحدة لم تتمكن من توصيل أي مساعدات إلى شمال غزة” بسبب “العراقيل المتكررة أو الرفض الصريح للقوافل الإنسانية من قبل السلطات الإسرائيلية”.

وفيما يتصل بالإبادة الجماعية التي ترتكبها (إسرائيل) بالإرهاب، أفاد فولكر تورك، رئيس مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بأن سكان شمال غزة يتعرضون لقصف “متواصل”. وفي الوقت نفسه، صدرت الأوامر لمئات الآلاف من الناس بإخلاء منازلهم، على الأرجح لإفساح المجال أمام إقامة مستوطنات يهودية جديدة.

-تكرار مشهد النكبة

كجزء من عملية الإخلاء القسري لسكان شمال غزة ـ أكثر الأراضي خصوبة في القطاع ـ تعمل (إسرائيل) على بناء حاجز لعزل المنطقة عن بقية القطاع.

وابتداء من أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفذت (إسرائيل) عمليات تفجير محكومة على نطاق واسع، فهدمت مبان متعددة الطوابق لإفساح الطريق أمام طريق بطول 5.6 ميل يقطع القطاع. ويفصل هذا الطريق مدينة غزة عن بلدات جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا الشمالية.

وقد وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش هذا التهجير القسري الواسع النطاق بأنه جزء من سياسة حكومية رسمية ترقى إلى ” جرائم ضد الإنسانية “.

وأكد وزير الجيش السابق ورئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون نتائج هيومن رايتس ووتش يوم السبت، قائلاً إن نتنياهو وعناصر “اليمين المتطرف” يخوضون حرب “احتلال وضم وتطهير عرقي”.

وقال موقع Middle East Monitor إن التطهير العرقي الموثق الذي يتم مشاهدته في الوقت الحقيقي في غزة، مثل نكبة عام 1948 ، فضلاً عن توسيع المستوطنات الاستعمارية اليهودية فقط في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، يؤكد على الأهداف الحقيقية غير المعلنة لـ “النصر الكامل” المزعوم لإسرائيل.

وأضاف أإن تقويض نتنياهو المتعمد للمفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة من أجل صفقة تبادل الأسرى يجسد شخصيته الشيطانية بامتياز: استغلال مأزق أسراه الإسرائيليين لتعزيز أجندته الساخرة غير المعلنة المتمثلة في ذبح “عماليق” وتطهير غزة عرقياً لتمهيد الطريق أمام مستعمرات جديدة في فلسطين لليهود فقط.