هذه قيادة نتانياهو الفاشلة!

كتبت هيئة التحرير في صحيفة “فايننشال تايمز” أنه بينما شنت إسرائيل هجومها الشرس ضد حماس في غزة، تمكن نتانياهو من الاعتماد على الدعم الثابت من الرئيس الأمريكي جو بايدن. لكن مع استمرار القصف وارتفاع عدد القتلى في القطاع، تساور الشكوك حتى أقوى مؤيد لإسرائيل.

في الأسبوع الماضي، أدان بايدن علناً نتانياهو والحكومة اليمينية المتطرفة التي يقودها، منتقداً “القصف العشوائي” لغزة، كما قال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي “يجب أن يتغير”. وتعكس تعليقات بايدن القلق المتزايد في واشنطن بشأن سلوك إسرائيل في الحرب والدمار الهائل وارتفاع عدد القتلى الذي يقول مسؤولون فلسطينيون إنه يزيد على 18700 شخص. وتكشف التعليقات أيضاً عن مخاوف أوسع نطاقاً بشأن رئاسة نتنياهو للحكومة ونفوذ المتطرفين في ائتلافه الحاكم.

كان الغرب متحداً إلى حد كبير في دعمه لإسرائيل منذ الهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، واحتجاز 240 رهينة. لكن عدداً متزايداً من الدول تريد إنهاء حملة القصف. تتوقع الولايات المتحدة أن تنتقل إسرائيل إلى مرحلة أدق استهدافاً من الحرب والتي قد تنطوي على عمليات قصف أقل وعدد أقل من القتلى بين المدنيين. وكلما قاوم نتنياهو النصيحة الأمريكية، زاد خطر عزلة إسرائيل.

أضافت الصحيفة أن واشنطن تضغط أيضاً من أجل وضع خطة لمرحلة ما بعد الصراع، وتأمل في استخدام الكارثة المتكشفة لإعادة تركيز الاهتمام على الحاجة إلى رؤية سياسية من أجل إنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. يرفض نتنياهو فكرة العمل على إنشاء دولة فلسطينية، بالرغم من أن ذلك يظل السبيل الوحيد لتوفير الأمن على المدى الطويل لإسرائيل.

وتسعى الولايات المتحدة والدول العربية إلى تعزيز السلطة الفلسطينية باعتبارها قيادة بديلة وذات صدقية عن تشدد حماس. ويعمل نتنياهو جاهداً على تقويض السلطة الفلسطينية التي تدير أجزاء محدودة من الضفة الغربية المحتلة. فهو لم يقدم أي خطة لغزة باستثناء التعهد بالقضاء على حماس.

حتى قبل هجوم حماس في أكتوبر، أصبح نتانياهو قوة مدمرة في إسرائيل. لضمان عودته إلى السلطة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، انضم إلى الأحزاب القومية المتطرفة لتشكيل الائتلاف اليميني الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل. ثم سعى إلى إصلاحات قضائية هددت بتقويض القيم الديموقراطية، مما أدى إلى أسوأ أزمة داخلية تشهدها إسرائيل على الإطلاق.

كما يلقي المنتقدون اللوم على نتنياهو لعدم معالجته بشكل فعال، بصفته سياسياً قيادياً في إسرائيل، التهديد الذي شكلته حماس على مدى 14 عاماً. لقد سعى إلى احتواء المسلحين خلف الحواجز الأمنية في غزة، بينما استخدم حكم حماس للقطاع من أجل إثارة المزيد من الانقسام بين الفلسطينيين ومقاومة الدعوات لإجراء محادثات سلام. مع ذلك، شنت حماس تحت إشرافه الهجوم الأكثر دموية على الأراضي الإسرائيلية. لقد اعتذر مسؤولو الدفاع عن الفشل الاستخباري الصادم. مع ذلك، لم يكن هناك أي ندم من جانب نتنياهو.

طالما استمرت الحرب، من المرجح أن يظل رئيس الوزراء آمناً في منصبه، بالرغم من تراجع شعبيته كما توقعت الصحيفة. وبمجرد أن تنتهي، من المؤكد أن تكون هناك انتخابات، أو تجدد للاحتجاجات ضد قيادته. يستحق الإسرائيليون ما هو أفضل من حكمه المثير للانقسام. لن يتقدم أي شيء أثناء وجوده في منصبه، حيث يجلس المتطرفون إلى رأس الطاولة.

من غير المرجح أن تتمكن الحكومة الجديدة من تغيير الديناميات على الفور في دولة مصدومة. لقد أدت مأساة 7 أكتوبر إلى تقويض إيمان الإسرائيليين بالسلام. ومهما بدا الأمر غير محتمل اليوم، يكمن المستقبل الآمن الوحيد لإسرائيل في التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. في أشد لحظاتها ألماً، تحتاج إسرائيل إلى قادة يدركون هذه الحقيقة على الأقل، ويكونون على استعداد للدفاع عن حل الدولتين. نتنياهو لم يكن قط قائداً كهذا، ختمت الصحيفة.