إيران .. المظاهرات تتراجع والغضب يزداد

بعد 4 أشهر من الاحتجاجات الشعبية في إيران، يتلاشى زخم التظاهرات وسط موجة متزايدة من القمع ضد المتظاهرين، وفق تقرير لشبكة “سي إن إن” الإخبارية.

وتركت الأساليب القمعية التي يستخدمها النظام، المتظاهرين الإيرانيين في موقف صعب، حيث منعت القوة المتظاهرين من الوصول إلى المستوى المطلوب لإجبار النظام على التنحي، رغم الاستياء الشعبي العام.

وذكرت الشبكة الأميركية أن بقايا الانتفاضة الشعبية التي اندلعت بعد وفاة الشابة، مهسا أميني، تلاشت بعد أن أصدر القضاء الإيراني أحكاما بالإعدام خلال الأسابيع الأخيرة.

وتعد عمليات الإعدام تتويجا لحملة قمع عنيفة بشكل متزايد، بما في ذلك قتل المتظاهرين بالرصاص والاعتقالات الجماعية والاعتداء الجسدي والعنف الجنسي، بحسب “سي إن إن”.

وأعدم النظام 4 متظاهرين يخشى العديد من الأشخاص الآخرين من مواجهة المصير نفسه. كما ضاعف النظام من قمع المنشقين والأقليات العرقية والنساء.

ويرى محللون أن معظم الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 25 عاما ابتعدوا عن المظاهرات مما حرم الحركة الاحتجاجية الزخم اللازم لإسقاط نظام يخضع لعقوبات شديدة لا يملك المجتمع الدولي سوى القليل من النفوذ عليه.

ومع ذلك، يتفق محللون على أن النظام يماطل، ويؤجل أي قرار حاسم، وأن الاحتجاجات من المرجح أن تعود مجددا، لا سيما وأن القيادة الدينية في إيران إما غير راغبة أو غير قادرة على معالجة مشاكلها الاقتصادية المتفاقمة، والتي تفاقمت بسبب العقوبات الأميركية والفساد المستشري.

وقال مدير مشروع إيران بمجموعة الأزمات الدولية، علي فايز، إن انعدام “الكتلة الحرجة” خلق “مشكلة حسابية” للحركة الاحتجاجية.

وأضاف: “لن تنضم الأغلبية إلا عندما يفقد النظام إرادته في القمع. ومن غير المرجح أن تتصدع إرادة النظام في القمع ما لم تكن هناك كتلة حرجة في الشوارع”.

ورغم أنها قوبلت بتنديد من المجتمع الدولي، إلا أن نشطاء يقولون إن أحكام الإعدام كان لها أيضا تأثير مخيف، خاصة على الجيل الأكبر سنًا من الإيرانيين الذين ظلوا إلى حد كبير بعيدًا عن الشوارع، حيث يحاولون ثني أبنائهم عن الخروج.

في وقت سابق من يناير، اتهمت الأمم المتحدة إيران، باستخدام عقوبة الإعدام سلاحا لتخويف المواطنين.

وصرح مفوض حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، فولكر تورك، بأن الحكومة الإيرانية تستخدم عقوبة الإعدام سلاحا لمعاقبة المواطنين الذين يشاركون في المظاهرات المناهضة لها ولبث الخوف للقضاء على أي معارضة في البلاد. ووصف المفوض السامي عمليات الإعدام بأنها تصل إلى مستوى عمليات “قتل بتفويض من الدولة”.

وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر احتجاجات إثر وفاة أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها بالقواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.

وشكلت هذه الانتفاضة أكبر تهديد محلي لرجال الدين الذين يحكمون البلاد منذ عام 1979.

وقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخلّلها رفع شعارات مناهضة للسلطات. كذلك تمّ توقيف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءا كبيرا منها “أعمال شغب” يقف خلفها “أعداء” الجمهورية الإسلامية.

وبالرغم من حملة القمع المستمرة، لا تزال أصداء الانتفاضة تتردد في البلاد. وترن هتافات “الموت للديكتاتور” من فوق أسطح المنازل ومن خلف الستائر المغلقة بعيدا عن أنظار قوات الأمن.

كما تستمر الاحتجاجات المناهضة للنظام بالظهور في بعض المناطق الحدودية التي تهيمن عليها الأقليات في البلاد والتي تحملت العبء الأكبر من قمع النظام.

وقال ناشط يبلغ من العمر 25 عاما من جنوب شرق البلاد – طلب عدم نشر اسمه خوفا على سلامته – إن “غضب الناس زاد ولم ينخفض.”

وأضاف أنه “لو لم تكن هناك أسلحة في أيدي قوات الأمن، لكانت حشود كبيرة من الناس تمردت غدا”.

ويقارن فايز الوضع في إيران بالاتحاد السوفيتي خلال أوائل الثمانينيات، وهي فترة من الإحباط العام والظروف الاقتصادية السيئة التي أدت بعد ذلك إلى سلسلة من الإصلاحات معروفة باسم “بيريسترويكا”، التي سبقت انهيار الاتحاد السوفيتي.

وقال فايز إن الوضع في إيران مشابه “للاتحاد السوفيتي في أوائل الثمانينيات … إنها مفلسة أيديولوجيًا، وهي في مأزق اقتصادي وببساطة غير قادرة على إصلاح نفسها”.

وتابع: “على عكس الاتحاد السوفيتي في أواخر الثمانينيات، (إيران) لا تزال لديها الإرادة للقتال”، مردفا: “يمكن أن نستنتج أن الاحتجاجات ستعود في الظهور عاجلا وليس آجلا وبطريقة أكثر شراسة”.

شاهد أيضاً