انتخابات 2024.. وورطة «الديمقراطيين»

جيفري كمب

حملت الانتخابات النصفية الأميركية التي أُجريت في نوفمبر 2022 خبراً ساراً للرئيس جو بايدن وحزبه (الحزب الديمقراطي). ذلك أنهم لئن خسروا السيطرةَ على مجلس النواب، فإن هامش فوز الحزب الجمهوري كان أقل من 10 مقاعد، وهو ما يمنح الرئيس الجديد للمجلس، كيفن مكارثي، مجالاً ضيقاً جداً للقيام باختيارات جريئة ومبتكرة بخصوص السياسات. وعلاوة على ذلك، كرّس «الديمقراطيون» سيطرتَهم على مجلس الشيوخ من خلال حصولهم على مقعد إضافي.
ومع ظهور بيانات أحسن في ما يتعلق بالاقتصاد، وخاصة تدني التضخم واستمرار البطالة المتدنية أيضاً، كان معدل الرضا الشعبي عن بايدن قد بدأ في التحسن، مما زاد التوقعات بشأن الإعلان قريباً عن ترشحه للرئاسة مرة أخرى في نوفمبر 2024.
لكن بعد ذلك، أتى الخبرُ الذي يفيد بأن بايدن، وعلى غرار ترامب، يحتفظ بوثائق سرية تعود إلى الفترة التي شغل فيها منصبَ نائب الرئيس في إدارة أوباما، وكان ينبغي له أن يسلّمها لـ«الأرشيف الأميركي» حين غادر المنصب في يناير 2017. ونتيجةً لذلك، يخضع بايدن لتحقيق الآن من قبل وزارة العدل الأميركية، إذ عيّن وزير العدل ميريك غارلاند محققاً خاصاً للتحقيق في ما إن كان هناك خرق للقانون.
وهناك عدة عواقب لهذا الأمر. ومن ذلك أنه يجعل التحقيق في سوء تعامل ترامب مع الوثائق دون مستوى المسؤولية السياسية، وذلك بالنظر إلى أن بايدن يواجه الآن المشاكلَ القانونيةَ نفسَها. وهو ما يقلّص احتمالية أن يقوم المدعي العام بتوجيه تُهم خطيرة لترامب.
وفضلاً عن ذلك، فإنه سيقوّي حجج أولئك «الديمقراطيين» الذين يعتقدون أنه لا ينبغي لبايدن الترشحَ لولاية ثانية، وإنما أن يفسح الطريق لشخص آخر يخلفه أصغر منه سناً. والأكيد أن الأسابيع المقبلة ستحدد خيارات بايدن. وفي غضون ذلك، يقال إن بايدن نفسه غاضب لكونه بات ضحيةَ موظفيه المستهترين الذين كانوا مسؤولين عن إزالة أوراقه الرسمية في نهاية إدارة أوباما.
والاختيار الصعب بالنسبة للديمقراطيين هو أنه إذا لم يكن بايدن نفسه مستعداً للتنحي، فإنه ينبغي أن يكون هناك تحدٍّ رسمي لزعامته، وهو الأمر الذي قد يتسبب في فوضى. فالدعم الذي يحظى به بايدن داخل الحزب قوي بشكل خاص بين الأميركيين الأفارقة. وقد مثّل اختياره لكمالا هاريس لتكون نائبة للرئيس اعترافاً بالدَّين الذي يدين به لكل من النساء والأقليات العرقية. وفي حال اختار بايدن التنحي، فإن خليفته الطبيعي سيكون هاريس نفسها. والحال أنه يُنظر إلى هاريس على أنها مرشحة ضعيفة ويُتوقع أن يكون أداؤها ضعيفاً إزاء مرشح جمهوري مثل ترامب أو مرشح آخر على شاكلته. لكن التخلي عن هاريس قد يكون غير مقبول، إلا إذا تم اختيار مرشح أسود آخر. وفي هذا الإطار، يُعد حكيم جيفريز(52 عاماً ومن نيويورك) شخصية تحظى بقدر كبير من الاحترام وأول زعيم أسود للحزب الديمقراطي في مجلس النواب. وقد يكون مرشحاً ممكناً، وإنْ كانت تجربته محدودة جداً خارج ممارسة القانون والخدمة في الحكومة المحلية والكونجرس.
بعض الديمقراطيين يفضلون غيفن نيوسم، حاكم ولاية كاليفورنيا ذا المظهر الجذاب والشعبية الواسعة، باعتباره شخصيةً معروفةً على نطاق واسع وتتمتع بتجربة في إدارة ولاية يناهز عدد سكانها 40 مليون نسمة، وذات اقتصاد يصنف ضمن الاقتصادات الستة الأولى في العالم. ويذهب البعض إلى أنه إذا قام نيوسم، الذي ينتمي إلى العرق الأبيض، باختيار شخصية من الأقليات لتكون رفيقه في السباق الانتخابي، ويفضل أن تكون امرأة، فإنه يمكن أن يكون مقبولاً من قبل قاعدة الحزب الديمقراطي إذا وجدت أنه المرشح الأكثر قابليةً للانتخاب.
إن الفوز بالبيت الأبيض هو أهم عامل في اختيار زعيم. وأي قرار بشأن مستقبل بايدن يمكن أن ينتظر حتى وقت لاحق من العام، ما لم تحدث أي مشاكل جديدة تُضعف فعاليتَه.
وتتعلق هذه الأخيرة بمشاكله الصحية الشخصية والأزمات الدولية الكثيرة التي تغلي حول العالم والتي تشمل الفوضى بشأن الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، والضغوط من أجل إنفاق مزيد من المال على أوكرانيا، بالتوازي مع البحث عن نهاية للحرب والنزاعات المشتعلة تحت الرماد في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران والمشكلة الفلسطينية التي لا تنتهي.

نقلا عن الاتحاد

شاهد أيضاً